الرئيسية | أقلام حرة | أي براغماتية هاته للسيد بنكيران وأتباعه

أي براغماتية هاته للسيد بنكيران وأتباعه

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
أي براغماتية هاته للسيد بنكيران وأتباعه
 

 

صراحة، أفجعني ذاك المشهد السريالي الذي جمع بين عبد الفتاح السيسي وعبد الإله بنكيران بمنتجع شرم الشيخ المصري، ضمن أشغال الدورة 26 لقمة جامعة الدول العربية، وما أفجعني أكثر هو تلك التوصيفات المنبثقة من فم بنكيران المشيدة بالسيسي وأخلاقه وحكمته وسابقته في خدمة الأمة الإسلامية، حتى أخال علي الأمر وحسبته يتحدث عن عمرو بن العاص أو صلاح الدين الأيوبي أو عظيم من عظماء مصر، غير أن أمين حزب العدالة والتنمية المغربي أصرّ على توشيح صدر سفاح "رابعة" بالورود الملطخة بدماء الغدر والبراغماتية اللعينة.

سبب صدمتي هو أني حضرت المسيرة الوطنية التي جابت شوارع الرباط منددة بمجازر "رابعة" وشاهدت قياديي العدالة والتنمية وأعضاء أجنحته يحسبلون ويحوقلون ويرفعون أيديهم إلى السماء طالبين من رافع أعمدتها بأن ينتقم من السيسي وأعوانه وأن يريهم فيه يوما كيوم عاد وثمود، وأن لا يواخذهم بما فعل السفهاء منهم، وكأنهم تفرسوا لهذه الفضيحة التاريخية التي كان بطلها قائد حزب يقول عن نفسه إسلامي والتي ستبقى وصمة عار على جبين إسلاميي حكومة المغرب الذين اختاروا طوعا أو كرها التطبيع والاصطفاف مع قاتلي شهداء التاريخ المصري الحديث. كان من الأحوط على بنكيران من باب "إذا ابتليتم فاستتيروا" أن يتحفظ في كلامه وإطرائه ومجاملاته خصوصا أنه سبق وأن رفع في أكثر من مناسبة موثقة بالصوت والصورة، شارة "رابعة" إيذانا منه بالتضامن المطلق واللامشروط مع شرفاء مصر وعظمائها الذين اغتالتهم أيادي السيسي وأعوانه. كان عليه أن يتحجج بالمرض أو بشيء من هذا القبيل وهو المقهور تحت أسياده حتى لا يقطع شعرة معاوية وأيضا حتى لا يحرج المتعاطفين مع سياسته، الذين باتوا كمن يتخبطه الشيطان من المس من خلال تسويغاتهم الغريبة غربة الفضيحة، لدرجة أن أحدهم قال إن بنكيران ذهب إلى مصر للقاء السيسي بصفته رئيسا للحكومة وليس بصفته أمينا عاما لحزب العدالة والتنمية...في محاولة لاستغفال ذوي العقول السوية.

كنت سأحترم مثل هؤلاء إن أطبقوا الأفواه، وتركوا أصحاب الحل والعقد يتكلمون ويبررون مواقفهم الخجولة، التي لا تشرف بأي شكل من الأشكال المواطن المغربي الشريف، غير أن هذا الحدث ينبغي أن نناقشه في سياقه العام وحيثيات تنصيب حكومة العدالة والتنمية بعد إرهاصات الاستحقاق الدستوري وشعارات الإصلاح السياسي ، الذي أفرز لنا وضعا سياسيا تمخض عنه ما سُمّي بهتانا بثورة الصناديق، بحيث بدت هذه الحكومة، حكومة تصريف أعمال، حكومة أقوال لا أفعال، بدلا من أن تكون حكومة سياسات إجرائية تمتلك سلطة القرارات، حكومة تضع الخطط والآليات بغية إطالة عمرها وتحصين أدائها المتسم بالارتجالية، حكومة تضع حدّا لثقافة الانهزامية والتبعية، إلا أنها وللأسف خالفت التوقعات ولم تستطع تحصين نفسها بل لم تجد بعد عنوانا يجسد مرجعيتها وبرنامجها.

لا شك أن أقسى ما في سياسة التلاعب بمشاعر الناس هو سوء تقدير حيثيات المرحلة وتجاهل ذاكرة التاريخ، فبقدر ما يكون موقف الفاعل السياسي في مركز القرار هشا ومتضعضعا، بالقدر نفسه أو أكثر تكون الحصيلة مخيّبة للآمال و باعثة على الآلام، خصوصا إذا تعلق الأمر باستضباع المواطنين والعزف على أوتار المصلحة العليا للوطن وما شابه ذلك.

 

 

مجموع المشاهدات: 1299 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة