الرئيسية | أقلام حرة | خداعكم أفقدني الإحساس بالوطنية

خداعكم أفقدني الإحساس بالوطنية

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
خداعكم أفقدني الإحساس بالوطنية
 

 

لماذا أستمر بالكذب على نفسي، أعيش في وطن ظاهره يخالف باطنه، لماذا عليّ أن أبذل كلّ هذا الجهد لأثبت لمن حولي أنني أهتم بتعرض وطني  للمؤامرة من طرف أيادي خفية تتقمص الفرص تحت عتمة الظلام والغوص في المياه العاكرة ، فأنا حقًا لا أهتم  . فقدت أحاسيسي منذ زمنٍ بعيد تجاه هذا الوطن، ربّما من الوقت الذي تحوّل فيه الوطن إلى علكة بدون مذاق ومعروضة للمضغ داخل أفواه ناهبي خيرات البلاد. لا يهمني إن دكت كراسي مسؤولينا  وقصفت أوداجهم الحمراء،لماذا يجب ان أهتم وأن أحس بشيء لم يبادلني نفس الشعور والإحساس ، لا يهمني إن أضرب الشعب كلّه عن الطعام إحتجاجاً على المس بشيء مقدس إسمه الوطن حتّى تراه الأمم العمياء فأنا شخصيا أؤمن بشيء مقدس واحد هو كلام الله تعالى. لا يهمني ما يجري في سوريا، ولا حجم القتل الدائر في مناطق النار، لا يهمني من يرغب باقتلاع الحصن الأخير، وترجيح الكفّة للثوّار. لا يهمني تقسيم ليبيا، ولا أسرئلة العراق، لا يهمني من يتعامل مع إسرائيل من تحت الطاولة أو خلف الشباك، ما يهمني فقط هو أنّني أقطن العالم الثالث الذي يدفع ضرائب من يعلوه نوعًا ومال. ما يهمني هو أنني أُباع وأشترى، وأنّ سعريً خاضعٌ لمزادات المصالح وتجّار الأرواح.

في عالمي البعيد عن كلّ تلك الأخبار المقززة، لا شيء يدفعك للاستمرار بالإيمان. لا شيء يحثّك على المتابعة. إنّها المؤامرة، ليست تلك التي تستهدف الدول والحكومات، بل أخرى همّها إيقاف الشعوب مكانها دون حراك. كل من فكّر بإمكانية التغيير، انقلب عليه الأمر ليغدو أقرب للجحيم. كلّ من حوّل التعبير مثلي ونشد كلام الحرية والمشاركة والتعددية إلى فعلٍ، دق قلمه الويلات وألصقت له كافة التهم وفتحت له أبواب السجن على مصراعيها لإحتضانه حينما عجز حضن الوطن عن ذالك وأصرّ على الدخول.

في عوالمه الدامسة،لا تهمني هذه الخرافات والقصص التي تحوكها أيدٍ كثيرة لا شرط في أن تكون داخلية آو خارجية، في ذلك العالم الذي لا ترى فيه وقاحة الأجنبي المخيفة، والطاعة العمياء التي يلقاها، لا تسمع فيه لديكتاتورٍ يُحاضر بالديموقراطية، ولا لقاتلٍ يتحدث عن السلام ويطالب برمي الورود في وجه الرصاص. في ذاك العالم، لن يطالبك أحدٌ بإضاءة شمعة، لن تضطر للتظاهر بالحزن على شيء لم يحتضنك، لن ينفعك الكلام، لن ترتدي أثواب النفاق لتثبت أنّك تهتم؛ سأهتم حينما يعيدوا لنا أموالنا وخيراتنا التي سلبت منا غصبا وحصنت في بنوك بنما.

لن أكذب بعد الآن، لن يهمني إن أطعم ثمن هاتفي شعبًا صوماليًا، لن يهمني إن تحررت القدس أم بقيت على حالها لآلاف السنين، لن يهمني التقسيم الذي عمّ الأقطار العربية، لا يهمني الشحن الطائفي والمذهبي وكأننا عدنا ألف عامٍ إلى الوراء، لا تهمني المعاملات العنصرية، وما يهمني هو أخلاق المجتمع التي انحلّت على الطرقات، و حقوقي التي لم يمنحوني إياها و منعوها عني، ما يهمني هو تلك الطفلة التي عدبت و اغتصبت ولم يتجرأ أحدٌ على المطالبة بمحاكمة الفاعل. ما يهمني هو الشركات الملكية العائمة على حساب الناس، ما يهمني هم الفقراء و المساكين الذين لم يجد سريرًا لمريض منهم في مستشفيات المملكة السعيدة. لا تهمني عمارات المدينة العالية في جهة بقدر ما تهمني الأبنية الهشة والأكواخ المنهارة في مكانٍ آخر من الأرض ذاتها. ما يهمني هو محاسبة من يغرق البلاد بالمخدرات، ويخير شبابها بين التعاطي والفرار، ما يهمني هو أني تخرجّت ولم ينتشلني أحدٌ من أرض البطالة لأنّي لا أملك وساطةً كبيرةً أو كنت محسوبا على طرفٍ مهم في البلاد.

اشمئزازٌ تام، لا أرغب بشيء غير أن أطفو على سطح الهواء. أتخفّف من الأثقال التي فرضتها أوطاننا علينا، أتخفّف من حديث الخبز والحياة. لا أريد أن أسمع شيئًا، لا أريد أن أرى نذر الحرب القادمة. وحده السلاح يتدفق في عالمنا، وحدها مخيمات اللاجئين تُنفذ وتُبنى بمصداقيةٍ تامّة. لا شيء على هذه الأرض يستحقّ الانتظار، لا شيء يدفعك للمقاومة والدفاع عن مغتصبي هذا الوطن؛ نعم كلّ شيءٍ مكتوب لهم وسجل بإسمهم، وحدنا من نعيش في عالمٍ من خداع، ظنّنا أننا أمسكنا زمام الأمور، وإذ بالثورة تحولت إلى مخاضٍ أليم لشرق أوسط مليءٍ بمستعمراتٍ صغيرة.

لا تكذبوا على شعوب العالم الثالث، لن نعيش في هراء الإنسانية. لسنا سوى ممثلين ناجحين في مسرحية العالمية الإمبريالية.

مجموع المشاهدات: 1479 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (3 تعليق)

1 | عزيز
انت مريض يا حاقد
اقسم لك من هذا المنبر وقد قرأت خزعبلاتك انك مريض ومليء حقدا ونفاقا وعنادا. انت عنيد وعاق وعاق وعاق ... اسأل والديك كي تتيقن بما أقول يا كليب.. ومن الله نطلب لك الشفاء والرشد أيها المراهق الضعيف
مقبول مرفوض
0
2016/05/29 - 05:18
2 | عبد الحميد
كتاب موزون ،صريح ومعقول لكنه يطالب باﻹستقالة ويقر شيء من العدمية.
إن تاريخ اﻹنسانية هكذا ويحتسب بآﻻف السنين...يجب أن نعيش قدرنا بكل طمأنينة على أن نعمل على التغيير في زمن الطغاة.. وننتظر.القناعة النفسية على الموجود بكل بساطة واﻷمل في الغد اﻷفضل،الغد القريب او البعيد.وعلى كل حال غرسو فأكلنا ونغرس فياكلون. ستتغير اﻷمور ان شاء الله...ستتطلب 3 قرون؟ فلنبدأ. لماذا التريث وفقدان الثانية والدقيقة الموالية. ﻻ لﻹستسﻻم. والسﻻم
مقبول مرفوض
0
2016/05/29 - 05:20
3 | اسماعيل مغربي قح
الوطنية بالقلب
ارض الله واسعه مادمت لايهمك تعرض وطنك للمؤامره ولا الشعب اضرب عن الطعام ومن اعطاط الحق ان تتكلم باسم هدا الشعب الدى رغم العوائق وغلاء المعيشة يحب وطنه وملكه هل تعلم كل من سرق ونهب فحسابه عند خالقه وعندى اليقين لن ولم تصل الى مبتاغك وهي نشر الفتنه والبلبلة بين هدا الشعب الدي يمتاز بالوطنيه والعروبة والاسلام التي تفتقدها في كيانك مادمت لايهمك تحرير القدس ولا همجية اسرائيل ولا تقسيم ليبا والعراق الايمان والوطنية في القلب التشاؤم هو شعارك اي دولة في العالم تمتاز بالديموقراطية وحقوق الانسان وليس فيها الفقراء والمحتاجين فكل ماتسمعه وتقرءه ولم تعيشه فهو من الخيال كمثل ابيات الشعراء تعيشهتعيشه فهو من الخيال كمثل ابيات الشعراء فالحياة كفاح وتضحية بعرق الجبين وبالحلال
مقبول مرفوض
0
2016/05/29 - 02:45
المجموع: 3 | عرض: 1 - 3

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة