الرئيسية | أقلام حرة | لما تحاصرني الكلمات.

لما تحاصرني الكلمات.

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
لما تحاصرني الكلمات.
 

 تحاصرني  الكلمات  وتتزاحم في ذهني، كل واحدة تريد الأسبقية للنطق بها أو كتابتها على جدران المدينة التي تبول عليها السكيرون وغيرهم في لامبالاة غير متناهية بالمارة ولا بالكتابة التي تسب أصحاب تلك الفعلة الكلبية. الكلمات ما عادت تنفع في قوم تجاوزتهم الكلمات أو تجاوزوها لا أعلم ، لأن المغربي ما عاد يفكر إلا في نفسه وكيف يغذيها من مواد لم يصنعها ولم يبذل جهدا في إنتاجها ، مغربي يستهلك أكثر مما ينتج ، مغربي يفوق طموحه الجهد الذي يبذله ، يسافر في الخيال وواقعه يسخر منه من كثرة المفارقات التي تترك أثرها في كل ترحاله ،المغربي شكله يصنفه إلى القرن الواحد والعشرين وباطنه الفكري يضعه في خانة القرون الوسطى                                                                     إن الكلمات ما عادت تسعها القواميس لتضبط كينونة البعض من المغاربة ارتموا في حضن حضارة لم يساهموا فيها ولم يحاولوا حتى هضمها أو مناقشتها لفهمها وتطويعها وفق مراتبهم الفكرية ووفق مستواهم الاجتماعي والاقتصادي.  ارتقوا في درجات انزلوا فيها بقدرة لحظة غفوة التاريخ واستقروا على مشارف نقاط استراتيجية بين السهول والهضاب والبحار وصاروا هم أصحاب الشأن والقرار ، وصاروا يحصلون الإتاوات على كل عابر سبيل هكذا بلا خدمة مسبقة ، ولا مجال للنقاش أو الاستفسار ، تماما كمحكمة فيها القاضي هو الخصم والحكم  .                    .                                                                                                                                                                                             كيف لي ا ن أعطي لكل الكلمات حقها في بلد يصعب الجهر بالحق وحتى لو صرخت بمليء حنجرتي فهي صيحة في واد ، لا يسمعها سوى صاحبها في صدى متردد لصوت مبحوح. فالسياسة تركب الدين وتسير به نحو منعرجات الزمن الدنيوي لتذليل الطريق على الراكبين بلا صهوة والشامتين بقوم ما عاشروهم إلا لغرض في نفس يعقوب ،والاقتصاد الوطني تم تفتيته إلى جزر فيها العبيد والأسياد  في صراع فيه الفصل لسلطة السلاح والمال ولا مكان للقانون ، فهذا الأخير عبارة عن لوحة تعلق للتزين أو ليأتي زوار الدول الأجنبية للتفرج عليها والتصريح عند بوابة المغادرة للصحف والتلفزيون "أننا بلد متطور وأننا نحترم حقوق الإنسان والحيوان على السواء في منظومة قانونية قل نظيرها في دول الجنوب". أما التعليم مفتاح كل تنمية اقتصادية واجتماعية وسياسية فهو يحتضر لأن السياسة التعليمية قبضت عليه من العنق وخنقت ما تبقى منه من خلال "إصلاحات" كانت لها أهداف بعيدة لتركيع شعب وتركه على قارعة الطريق يمد يديه يطلب الصدقات وبين الدروب يجر الخيبة وانسداد الأفق ويلج عالم المخدرات والدعارة والنصب. وعند الحديث عن الصحة فهي معلولة في كل مناطق وجغرافيا البلد لأن سوء التغذية تولدت عنها أمراضا عديدة زد على ذلك انعدام الوعي والتوعية يجعل جل  أفراد المجتمع عرضة للجراثيم التي تجوب شوارعنا وأزقتها في أحياء القصدير والأماكن العمومية حيث تغيب النظافة. فالبنية الصحية هشة لدرجة يكون فيها الشعب المغربي في غالبيته يستعصي عليه تتبع مراقبة صحية مستمرة على الأقل فحص عام كل ستة أشهر ، غير أن الإنسان المغربي لا يذهب للطبيب إلا لما لا يستطيع التحرك جراء مرض ألم به وحينها يكون العلاج مستعصيا وفي أحيان يكون قد فات الأوان ، لأن السياسة الصحية في المغرب لا تتبع طريق الوقاية الصحية للجميع بل ركزت فقط على الطفل وفي مناطق محدودة .                   .                                 لما تحاصرني الكلمات يضيق صدري ويغمرني الأسى والحزن العميق لأنني لا أستطيع التعبير عن مكونات قلبي لأن الوصف بالكلمات ما عاد يقنعني بل أراه غير مجد وسط بحر من الجهل الذي وجدنا انفسنا نسبح فيه كل يوم عبر وسائل إعلامنا وجرائدنا وخطب ساستنا بل هذا الوضع اندس بين صفوف تلامذتنا واحتل المقاعد المدرسية وأصبحنا كمن ينمي التخلف ويطوره بصمتنا عن مناهج تعليمية لا صلة لها بواقعنا ولا بحضارتنا ولا بقدراتنا .                                                                

    الكلمات انكسرت وتطايرت على أفواه صبية  في الشوارع والأزقة ولم تعد تعرف للكلمات معنى سوى السقوط بها في منحدر سحيق يفضي لفضاء المواخير ، لكنهم ليسوا سوى مرآة لكبار مسؤولين  ينطقون من أعلى المنابر وداخل المؤسسات الدستورية بكلمات يندى لها الجبين فلنتذكر ذاك الوزير الذي....  وذاك رئيس الجلسة الذي... وكثير من هؤلاء الذين كانوا ليكونوا قدوة لأبنائنا وبناتنا لكن للأسف هاهم قلبوا كل المفاهيم وربطوها بالسيئ والقبيح من الحديث الذي تفوح رائحته الكريهة من بعيد. أما عاد الإنسان المغربي يحفظ في مكنونه عطر الكلمة وصوابها ؟ أما تعلمنا من أمهاتنا  وآبائنا كيف نحترم الكبير وكيف نسلم على الجار وكيف وكيف ؟ أما عدنا نربي ؟ أم أن المربي في حاجة إلى تربية كما قل "وليام رايتش" في كتابه " اسمع أيها الرجل الصغير" .                            .                                                                                                                                         تلك كانت وستظل وضعية من لا يفكر بالعقل ويوظفه في تطوير نمط عيشه ليرقى به لمستوى الإنسان المتحضر ،لذا لا بد من الخروج من تلك القوقعة التي وضعنا فيها انفسنا من جراء اتباع أساليب تحن للقرون المتخلفة والمظلمة والطموح بالعمل والجهد الفعلي والفكري عبر الحث على وضع سياسات تعليمية واجتماعية وصحية واقتصادية وثقافية وصناعية وغيرها  تقضي على الجهل وترقى بالمجتمع إلى مستوى التمدن والتحضر وبث تربية عالية وممارسات وتقاليد أصيلة لنا منها الكثير غير أنها غيبت بسلوكيات مشينة ومحطمة للشخصية المغربية التي كل جوهرها نبل وكرم وتفتخ واحترام ومروءة    

مجموع المشاهدات: 950 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة