الحسن بنونة
قال ترامب بعد وصوله إلى دافوس سويسرا 26/01/2018 م للمشاركة في فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي : القدس خارج المفاوضات وإن نقل السفارة الأمريكية إليها يسير أسرع مما كنا نعتقد ، و سيتم نقل السفارة في العام المقبل 2019 م .
سمع نتانياهو و حكومته تصريح ترامب بأذن صاغية و رحبوا به و قالوا إنهم يعملون بجد لترتيب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس .
بعد سماعي للخبرين من إحدى القنوات الإخبارية العربية ، طرحت أسئلة على نفسي : هل سمع حكام العرب ما قاله ترامب وهم حاضرون في المنتدى الاقتصادي ؟ وهل علموا ما يرتبه نتانياهو و حكومته لتسريع وتيرة نقل السفارة ؟ ، و هل سمعوا شعارات و مطالب شعوبهم التي خرجت في تظاهرات في عواصم و مدن الدول العربية والإسلامية المنددة بقرار ترامب و المطالبة بالفعل الملموس وليس التنديد والشجب فقط ؟ و هل لهم دراية بما يرتبه ناتانياهو لاستقبال السفرة بالقدس مع المزيد من بناء المستوطنات بالقدس الشرقية و تهديد محيط الحرم القدسي وقبة الصخرة و ساحتهما بتهويدها وجعلها مزارا لليهود ومنع المسلمين من الدخول إليها ؟
ثم انتقل بي ذهني إلى ما جرى سابقا من مؤتمرات ومعاهدات واتفاقيات و مفاوضات فوجدتها أقبرت ، اتفاقيات أوسلو السرية 1991 م و اللتي ترجمت بواشنطن سنة 1993 م برعاية بيل كلينتون ، و مؤتمر مدريد للسلام 1991 م بل كل الاتفاقيات و الاجتماعات و اللقاءات التي جرت بين الصهاينة و الفلسطينيين انتهت و ماتت وأقبرت ، فاليهود وبطبيعتهم يُخلفون الوعود و لا يحترمون الاتفاقيات وهذا يعلمه الخاص و العام ، فكيف سقطت حركة فتح في هذا الفخ الذي رفضته منظمة حماس و الجهاد و الجبهة الشعبية ؟
لقد قال الله تعالى فيهم " (( أَو َكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُون )) سورة البقرة َ
فالعرب اليوم يعيشون مرحلة التنازلات المرّة والمفاوضات المتعثرة الكاذبة و المهينة في بعض الأوقات ، والتي لم تجلب عليهم سوى المزيد من الذل و العار ،
فمتى يستفيق العرب من سباتهم و يجمعون شملهم و يوجهون أسلحتهم السياسية و الاقتصادية ولما لا الحربية اتجاه العود المشترك بدل ما يوجهونه ضد أبناء جلدتهم و إخوانهم في الدّين ؟ حقا الشعوب ليس لها يد في ما يجري اليوم على الساحة السياسية العربية و خاصة القضية الأولى للعرب و المسلمين " تحرير ما تبقى من فلسطين " ، و لكنها تستطيع أن تشارك في إحياء الهمة و تساهم في نشر الوعي و التعريف بالقضية داخل مجتمعاتها حتى تبقى حية في أدهان و أفئدة الشباب على وجه الخصوص ، ومن جهة أخرى على العرب الذين يتواجدون في الغرب أن لا يتوقفوا عن نشر الحقيقة بين المجتمعات الغربية و الشرقية خاصة الشعوب الحرة التي لا تقبل بالاضطهاد و الفساد و الظلم و الاستعمار . و أرجو أن يصل حكام العرب و المسلمين إلى اتفاق قريب لتفعيل خطة محكمة لجعل ترامب و كل من سولت له نفسه بنقل سفارة بلده إلى القدس التخلي عن هذا القرار قهرا وليس اختيارا ، و أن يوحدوا كلمتهم في الدفاع عن إحدى مقدساتهم الدينية ، " أولى القبلتين و ثالث الحرمين المسجد الأقصى المبارك " هنا فقط سأعلم أن العرب قد اتفقوا حقا عن شيء يستحق الاتفاق عليه ، و ليس كما يقال عنهم " أن العرب اتفقوا أن لا يتفقوا "
