بوشعيب حمراوي
لا أحد يمكنه إنكار دور الأقسام الداخلية داخل الثانويات الإعدادية والتأهيلية في التخفيض من نسب الهدر المدرسي، و تيسير استمرار دراسة مجموعة من التلاميذ من أبناء وبنات الفقراء وقاطني القرى والمناطق المعزولة البعيدة عن المؤسسات التعليمية التي غالبا ما يتم بناؤها بالمراكز الحضرية. حيث التغذية والمبيت والتخفيف من الأعباء المالية والمعنوية التي كانت تثقل كواهل الآباء والأمهات. لكن لا أحد يرضى بأن يتم تجريد تلك الداخليات من مهامها الحقيقية المتمثلة أساسا في تربية وتعليم النزلاء والنزيلات. وأن تتحول إلى مجرد مطاعم ومراقد وملاهي للشغب والانحراف، بدون أدنى مراقبة أو حماية أو تأطير.علما أن تلك الفئة من التلاميذ (الأطفال، اليافعين والشبان)، التي حظيت بمنحة الاستفادة من الٌأقسام الداخلية، تعتبر أمانة في عهدة القيمين على التعليم ببلادنا. ومن الخزي والعار أن تتحول تلك المنحة التي أراحت الآباء والأمهات، إلى محنة لا تنتهي، بعد انحراف أبنائهم وبناتهم وضياع مستقبلهم الدراسي.
حقيقة ما يجري ويدور داخل بعض الأقسام الداخلية، يفرض الحزم والحسم قبل فوات الأوان. إذ لا يعقل أن يتم فتح داخليات بدون أطر متخصصة مشرفة. أو فتح قسم داخلي للذكور أو الإناث لا يتوفر على حارس عام للداخلية من نفس الجنس. قادر على تتبع ومصاحبة ومراقبة النزلاء والنزيلات في كل تحركاتهم، انطلاقا من مرحلة الاستيقاظ والتنظيف و اللباس، ومرورا بكل المراحل المتعلقة بالتغذية والمراجعة والترفيه والمبيت والتمريض و.. ونهاية بتقييم نتائجهم التربوية والأخلاقية والتواصل مع ذويهم ومع الإدارة التربوية. كما لا يعقل أن يتم تكليف موظفين لا علاقة لهم بالشأن التربوي، للإشراف على الداخليات. أو منح سلطة المراقبة والتسيير لتلاميذ نزلاء مشاغبين وضعاف المستوى التعليمي، وفرضهم كقادة على باقي النزلاء. فقد أجمع العشرات من النزلاء ومعهم أطر تربوية وإدارية أن عملية اختيار ما يسمون بالمعلمات أو المعلمين (الداخليين) (maitres d’internats ). تتم بعشوائية تساهم في استمرار الشغب والانحراف داخل الداخليات. فبعدما كان المسؤولون بالثانويات ينتقون هذه الفئة من بين الأساتذة أو بعض الأطر الجادة التي تستفيد بدورها من السكن المجاني (غرفة) والتغذية ولما لا تعويض مالي؟. أصبحوا ينتقونها من بين التلاميذ الأقوياء جسمانيا وحضورا وتسلطا وسط التلاميذ. دون اهتمام بسلوكياتهم ومستوياتهم الدراسية. ليتحول (حاميها إلى حراميها). والأدلة كثيرة عن تلاميذ (معلمين داخليين)، طردوا بعد أن سرقوا بعض ممتلكات زملائهم، أو بعد أن ضبطوا يستهلكون المخدرات أو يقومون بأفعال لا أخلاقية.
