الرئيسية | أقلام حرة | النموذج التنموي الوطني وسؤال العدالة الاجتماعية والمجالية

النموذج التنموي الوطني وسؤال العدالة الاجتماعية والمجالية

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
النموذج التنموي الوطني وسؤال العدالة الاجتماعية والمجالية
 

"...فحجم الخصاص الاجتماعي، وسبل تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية من أهم الأسباب التي دفعتنا للدعوة، في خطاب افتتاح البرلمان، إلى تجديد النموذج التنموي الوطني..."[1]

 

- مقتطف من خطاب جلالة الملك بمناسبة الذكرى الـ19 لتربع جلالته على عرش أسلافيه المنعمين.

 

يحظي موضوع التنمية بأهمية بالغة في كل مجتمعات العالم، كيف لا ومستوى تقدم أي بلد يقاس بمدى توفره على بنية تنموية قوية، فالنمو أصل القوة ومعيارها كما أن نجاعة السياسات العمومية في كل القطاعات يستند بالدرجة الأولى على مدى تحقيقها لعنصرين أساسيان هما الأمن و التنمية.

 

ولما كان لموضوع التنمية أهمية كبرى تنجلي من بعدها العلائقي وارتباطها بنجاعة كل المجالات وبالتبع تحقيق الازدهار والتقدم والرفع من المستوى المعيشي للمواطنين، كان لابد لكل مجتمع ودولة مستقلة أن تبحث في سبل بناء قالب يحتوي روؤيتها للتنمية بما يتوفر لها من مؤهلات، وإيجاد نموذج تنموي ناجح يكفل لها مواجهة تحديات العصر في شتى المجالات.

 

ومن يسبر أغوار حركية الدول العربية اليوم سيفهم لا محالة أن تطلعات الشعوب اليوم هي ليست في هوية الدولة التي لا يمكن أن يختلف اثنان عن مقوماتها التاريخية والدينية. ولكن تطلعاتها اليوم وغداً هي في إيجاد فرص للشغل والتنمية، والمغرب بفضل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ومنذ 20 عام من توليه العرش، في بلد يشكل استثناء في محيطه الجهوي، بفضل انفتاحه السياسي وتأصيل قواعد التداول على الحكم داخل المجال السياسي العام، والثقة الدولية التي يحظى بها عالمياً سعى بدوره إلى إبداع نماذج تنموية راهن على تحقيقها للعدالة الاجتماعية والمجالية و مواجهة الإكراهات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيق تقدم البلاد.

 

وفي هذا الصدد دعى العاهل المغربي في خطابه الأخير بمناسبة الذكرى العشرين لتوليه العرش إلى ضرورة الانكباب على صياغة نموذج تنموي، يتخذ له كمنطلق العمل على تكريس العدالة المجالية والاجتماعية، وفي نفس السياق دعى جلالته إلى

 

تكوين لجنة سماها النموذج التنموي سيشرف فيما بعد على تنصيب أعضائها ، وهي لجنة استشارية ستُعنى بالبحث في سبل إقرار نموذج تنموي واعد.

 

لا جدال إذن اليوم في أن موضوع العدالة الإجتماعية والمجالية يحظى بالأولوية القصوى في سياق البحث عن نموذج تنموي قوي كفيل بالحد من الفوارق الاجتماعية والتباينات المجالية، ومن هنا تبرز ضرورة نثاش هذا الموضوع الذي يكتسي أهمية بالغة لراهنيته من كهة وكذا لكونه موضوع آنية يتطلب العمل الجاد والمسؤول.

 

وعليه فإننا سنحاول نقاش موضوعنا هذا من خلال الإجابة على سؤالين أساسيين هما:

 

- ماهو واقع العدالة الاجتماعية والمجالية في ارتباطها بالتنمية بالمغرب ؟، وماهي سبل تحقيق هذين المطبلين؟

 

المحور الأول: تشخيص واقع العدالة الاجتماعية والمجالية في ارتباطها بالتنمية.

 

إن مطلب العدالة الإجتماعية والمجالية بالمغرب ليس بالمستحيل ولا يمكن بأ حال أن ننكر ما حققته الأوراش الاجتماعية والمشاريع التنموية التي عمل المغرب على تكريسها منذ فجر الاستقلال، لكننا وفي المقابل لا يمكن أن نقر بأن المجهودات المبذولة في هذا المرمى كانت كافية أو بالأحرى أن نتائجها كانت في مستوى تطلع الجميع.

 

يقول الملك محمد السادس في خطابه الأخير:

 

" لقد أنجزنا نقلة نوعية على مستوى البنيات التحتية.... ومن منطلق الوضوح والموضوعية فإن ما يؤثر في هذه الحصيلة الإيجابية هو أن أثار هذا التقدم وهذه المنجزات لم تشمل بما يكفي مع الأسف جميع فئات المجتمع المغربي، ذلك أن بعض المواطنين قد لا يلمسون مباشرة تأثيرها في تحسين ظروف عيشهم وتلبية حاجياتهم اليومية خاصة في مجال الخدمات الإجتماعية الأساسية والحد من الفوارق الاجتماعية وتعزيز الطبقة الوسطى... "

 

إذن فالنموذج التنموي إذا كان قد مكننا من تحقيق مكتسبات وإنجازات جذيرة بالتنويه والتثمين فإنه اليوم قد بلغ مداه لعدة أسباب أهمها إطلاقاً ما تمت الإشارة إليه في الخطاب أعلاه، وهو أن شريحة واسعة من المجتمع المغربي لا تجد في النموذج التنموي أجوبة على انتظاراتها وطموحاتها.

 

إن الحديث عن نموذج تنموي هروب ناجح ينطلق من مدى توفره على آليات تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية والتي نرى أنها لازالت تعاني العديد من الإكراهات لعلّ أهمها ما يتعلق بمبدأ المساواة وضعف كل من مؤشر الصحة والتعليم بالإضافة إلى غياب العدالة الضريبية.

 

• من حيث المساواة وتكافؤ الفرص:

 

يعد مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص لب العدالة الإجتماعية والمجالية وعمودها وهذا المبدأ لازال بحق تعتريه مجموعة من النواقص ولا أدل على ذلك الفوارق القائمة غير المقبولة سواء منها الاقتصادية أو الإجتماعية أو غيرهما.

 

وانسجاما مع ما نص عليه الفصل 31 من دستور 2011، فالدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في الشغل والدعم في البحث عن منصب شغل وولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق.

 

فبالرغم من غياب ترسانة قانونية تحصن من مخاطر التمييز في ولوج الوظائف العمومية، فالحق في الشغل ضمانة أساسية لإرساء دولة الحق، والمساواة تعبير عن هذا الحق. حيث يرتبط بمبدئين أساسين هما : مبدأ تكافؤ الفرص بين النساء والرجال ومبدأ ولوج الوظائف العمومية حسب الإستحقاق، وبتجاهل هذين المبدئين لن تتحقق المساواة، فتضيع الحقوق وتهان المعرفة وتنتهك الحريات الإنسانية.

 

في هذا الصدد، يشير الأستاذ جون راولز، في كتابه "نظرية العدالة" عام 1971، أن العدالة الإجتماعية لا تتحقق إلا باحترام ثلاث مبادئ أساسية : ضمان الحريات الأساسية للجميع، تكافؤ الفرص والرعاية الخاصة للفئات الاجتماعية الهشة.

 

ولقد أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس في الخطاب السامي أمام أعضاء مجلسي البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة أن "المغرب يجب أن يكون بلدا للفرص، لا بلدا للانتهازيين. وأي مواطن، كيفما كان، ينبغي أن توفر له نفس الحظوظ، لخدمة بلاده، وأن يستفيد على قدم المساواة مع جميع المغاربة، من خيراته، ومن فرص النمو والارتقاء ".[2]

 

وهنا نقف لنسجل ملاحظة أساسية وهي أن الإهتمام المتزايد بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين أو ما أضحى يعرف بمقاربة النوع، ربما كان على حساب إرساء دعائم هذا المبدأ بين نفس الجنس أحيانا، فلطالما تعالت أصوات الحقوقيين والفاعلين في هذا الجانب حول دعائم تحقيق المساواة بين الجنسين، ونحن لا ننكر مشروعية هذا المطلب لأنه أصبح الآن مقياسا لدمقراطية الدول وتقدمها، ولكن لا ينبغي أن يؤثر ذلك على المغزى الأساسي وهو تحقيق مساواة فعلية بين كل أفراد المجتمع مساءا كانوا أو رجال وفي كل المجالات.

 

• في التعليم والصحة:

 

لقد قطع المغرب اشواطاً كبيرة في سبيل تقديم عرض صحي وتعليمي يناسب تطلعات المجتمع المغربي ويوافق معايير الجودة العالمية ويلائم من جهة مكانة المغرب ضمن المنظم الدولي وما يتوفر عليه من مؤهلات في هذا الجانب، لكن لكن لا نبالغ إذا قلنا أن كل السياسات العمومية والاستراتيجيات الموضوعة من أجل ذلك لم تُأتى أُكلها وظل ملك الموت سيد الموقف في العديج من المراكز الصحية بالمغر وظلت معه المؤشرات العالمية تصنف المغرب في مراتب مخجلة على مستوى الرعاية الصحية، فحسب قاعدة البيانات الشهيرة "ناميبيو" فإن المغرب يحتل المركز 203 من بين 206 دول شملها الإحصاء على مستوى الرعاية الصحية، خلال النصف الأول من عام 2018.

 

والغريب في هذا التصنيف أن المغرب لم يخطو أي خطوة إلى الأمام، منذ 3 أعوام مسجلا معدل 69.04 % من حيث الخدمات الطبية، و40.55 % من حيث الإهتمام الطبي بالمريض.

 

وبلغ عدد المواطنين (المرضى) لكل طبيب بالمغرب 2000 شخص، وهو الرقم الذي جعله يقبع في آخر الترتيب، مقارنة مع دول إفريقية وعربية كالإمارات والبحرين وقطر والأردن والعراق. [3]

 

وإذا كان بإمكاننا اليوم أن ننظر إلى النصف الممتلئ من الكأس فالنصف الفارغ هو العرض الصحي في العالم القروي ولا أدل على ذلك عدد الوفيات المسجلة هذه السنة في بعض المناطق القروية بسبب لدغات العقارب والآفاعي.

 

إن بعض المناطق ااقروية في المغرب لم تستفد نهائياً من حقها الجستوري في الرعتية الصحية ولا يزال على سكانها أن تقطع أميالاً للظفر بخدمات صحية هي

 

في الغالب ضعيفة وغير كافية، ينظاف إلى ذلك هزالة الدعم المادي واستئثار فئة قليلة من صلاحيات التغطية الصحية زد هلى ذلك الفساد المنتشر في المستشفيات.

 

أما بخصوص التعليم فلا يخفى على كل مغربي بل وحتى على العالم كدى تراجع قيمة التعليم في المغرب، فحسب المنتدى الإقتصادي العالمي فإننا نحتل المركز 77 عالمياً من أصل 148 دولة شملها مؤشر جودة التعليم ( للعام 2013_2014)

 

إن ما يبدو جليا أن عقارب ساعات الإصلاح قد تعطلت في ورش التربية والتكوين، فكل المؤشرات تدل على أن المسافة تزداد هوة وبعدا بين طموح الخطاب وواقع الممارسة، رغم كون هذا الورش هو ثاني قضية للمغاربة بعد مشكل الصحراء [4].

 

يحق لنا الآن وبكل آسى أن نسمي مشكل التعليم بالأزمة، أزمة حقيقة تحتاج تظافر الجهود من لدن القائمين على وضع السياسات العمومية في مجال التعليم وتوحيد الرؤى والتفاني في بلورة استراتيجيات حقيقية للنهوض بالتعليم، فلا يمكن لنا بناء نموذج تنموي متقدم ونحن نحتل المراتب المتذيلة في مؤشر التعليم وتتصدرنا في ذلك دول تنخرها الحروب والأزمات.

 

• غياب عدالة ضرريبة:

 

إن التفكير في بناء نموذج تنموي جديد لا يمكن أن يغفل مسألة العدالة الضريبية ولا يمكن أن يمر دون إحداث تغيير عميق للنموذج المعتمد في التعاطي مع المنعمين الشأن الضريبي في المغرب.

 

ولتشخيص وضع العدالة الضريبية بالمغرب نورد بعض النقاط التي أشار إليها التقرير المنجز من طرف المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي رقم 39/2019، بعنوان "من أجل نظام جبائي يشكل دعامة اساسية لبناء نموذج تنموي"

 

وهذه النقاط هي كالآتي:

 

• هيمنة اقتصاد الريع واللجوء بكثرة إلى منح المتيازات

 

• التركيز القوي الذي يطبع القتصاد

 

• استمرار التفاوتات، في سياق يُنظر فيه إلى السياسات العمومية والخدمات التي توفرها الدولة على

 

أنها ضعيفة ولا تستجيب للحاجيات والانتظارات المشروعة للساكنة، ويتسم فيه معدل النشاط بالتراجع

 

مع استمرار معدل البطالة في مستوى مرتفع.

 

• عدم استقرار النظام الجبائي، وذلك جراء إدراج العديد من المقتضيات الضريبية في قوانين المالية

 

المتعاقبة، وهو ما يُفقد المنظومة الجبائية وضوحها وانسجامها.

 

• غياب كبير لروح المواطنة الضريبية وعدم قبول أداء الضريبة: لمَّا كان النظام الجبائي بالمغرب قائما

 

أساسا على مبدأ اإلقرار، فإن جزءاً مهما من الملزَمين ال يزالون ال يقدمون إقراراتهم الضريبية بصفة

 

تلقائية، كما أن العالقة بين إدارة الضرائب والملزَمين ال تزال في الغالب عالقة متوترة،

 

• الطابع المعقد للنظام الضريبي وضعف فعالية بعض الضرائب واالقتطاعات.

 

إن ما قيل بشأن واقع العدالة الاجتماعية يقال كذلك في العدالة المجالية، فلازال المغرب يعاني من فوارق مجالية حادة، فمن غير المعقول أن نجد اليوم أن جل المشاريع الاستثمارية متركز في مناطق دون أخرى.

 

والواقع، أن ضعف العدالة المجالية، الناجم عن الاختلالات الترابية يكاد يكون سمة عامة في العديد من البلدان، فالطبيعة خلقت مجالات غير متكافئة من حيث الأوزان، وأقامت تلقائيا تمايزات بين الشمال والجنوب، والشرق والغرب ، نجد هذا في إيطاليا، وفي إسبانيا، وفي دول أوروبية وغربية كثيرة وتصدم أعيننا في بلادنا العربية، ومنها المغرب . بيد أن الفرق بيننا وبين غيرنا من دول أوروبا والغرب عموما أن تجارب التنمية عندهم تمكنت، إلى حد بعيد، من ردم الفجوات المجالية، وإعادة صياغة علاقة جديدة بين المناطق والجهات، ابتداء من حسن وضع التشريعات والقوانين ذات العلاقة بتنظيم المجال والتقسيم الترابي، ومرورا بصناعة سياسات عمومية مؤسسة على المشاركة المواطنة، بواسطة مؤسسات حقيقية وفعالة للوساطة والتمثيلية، وعبر التفعيل الجدي لآليات المتابعة والمساءلة والمحاسبة ومع ذلك، ظلت حركات الاحتجاج قائمة، ويقظة من حيث النقد والاعتراض والمطالبة بعدالة مجالية أوسع وأعم [5].

 

المحور الثاني: في سبل تعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية.

 

إن مسألة تعزيز العدالة الإجتماعية والعدالة المجالية، يجب أن تنطلق من المواطن باعتباره محور أي إصلاح وذلك بجعله في صلب العملية التنموية، غايتها العليا خدمته وتطويره، وكل ذلك في إطار احترام حقوق الإنسان ومبادئ العدالة والمساواة، غير أن ذلك يتطلب شرطاً معنويا أساسيا يتمثل في توفير النية الصادقة والإرادة السياسية الحقيقية والدائمة لدى كل الفاعلين.

 

إن الحديث عن تقوية العدالة الاجتماعية ببلادنا، يقتضي تمكين كل الشرائح الاجتماعية من ولوج تعليم جيد، يوفر الشروط الضرورية للاستمرار في الدراسة والنجاح الدراسي، ويؤهل المتعلمين وينمي قدراتهم ويكسبهم الكفايات الأساسية التي تمكنهم من كسب الثقة في النفس والاعتماد عليها، ومن تطوير ذواتهم على مدى الحياة، ومن الاندماج في مجتمعهم وحب وطنهم والمساهمة في تنميته وتطويره. الشيء الذي يستلزم بدون منازع مباشرة إصلاح حقيقي للمنظومة التربوية، بغية إصلاح المدرسة المغربية من أجل جعلها تقوم بأدوارها ووظائفها الاجتماعية والاقتصادية والتربوية، وكذا نقل وترسيخ قيم المواطنة والتضامن والانفتاح والتقدم.

 

مدرسة عمادها الفاعلون التربويون وبالأخص رجال ونساء التعليم، يحملون همها ويتحملون فيها مسؤولياتهم الوطنية والتربوية تجاه الأطفال الأبرياء الناشئين. فبهم وعن طريقهم سيتم تجديد المدرسة، لتصبح قادرة على تزويد البلاد، بموارد بشرية علمية وتقنية وإدارية مواطنة وذات قدرات ومؤهلات، وكذا بتمكينها من تحقيق التنمية وكسب رهان العدالة الاجتماعية، وقادرة كذلك على مدها بنخب سياسية واجتماعية لقيادتها والسير بها إلى الأمام.

 

إن حجر الزاوية في تحقيق العدالة الإجتماعية هو التعليم لذى وجب على كل الفاعلين والمسؤولين عن المنظومة التربوية الأخذ بعين الاعتبار أن إصلاح هو الأولوية القصوى التي يجب أن يعمل عليها الفاعلون في المنظومة التعليمية، وتجنب كون التعليم ورقة سياسية ينفذ من خلالها الفرقاء السياسيون إلى مصالحهم، وهذا ما جعل من ميثاق التربية والتكوين مخطط فاشل فقد كان الكل ينظر إليه من زاوية مصالحه الخاصة فأدى ذلك إلى الاختلاف حتى في المرتكزات الأساسية التي ينبني عليها التعليم في بلادنا.

 

كما ينغي كذلك للنهوض بقطاع الصحة ببلادنا العمل على تعزيز برامج الرعاية الاجتماعية والحد من الفوارق المجالية في القطاع الصحي ودعم المشاريع التنموية بالعالم القروي وبناء مستوصفات صحية لضمان استفادة المواطنين والمواطنات على قدم المساواة من العرض الصحي.

 

يقول الملك محمد السادس في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب

 

".... والواقع أن الفئات التي تعاني أكثر من صعوبة ظروف العيش ، تتواجد على الخصوص ، في المجال القروي ، وبضواحي المدن. هذه الفئات تحتاج إلى المزيد من الدعم والاهتمام بأوضاعها، والعمل المتواصل للاستجابة لحاجياتها الملحة.

 

لذا ما فتئنا ندعو للنهوض بالعالم القروي، من خلال خلق الأنشطة المدرة للدخل والشغل، وتسريع وثيرة الولوج للخدمات الاجتماعية الأساسية ودعم التمدرس ، ومحاربة الفقر والهشاشة.... "

 

يعتبر كذلك إصلاح الإدارة أحد أبرز مداخل تعزيز العدالة الاجتماعية، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال العمل على توعية عقلية فاعليها وبنمط الثقافة والسلوكات السائدة بها. والإيمان بأن إصلاح الإدارة العمومية ومحاربة كل أشكال ومظاهر الريع والفساد، وجعلها في خدمة المواطنين وتحقيق المنفعة العامة، محدد حاسم.

 

وأخيرا تحصين النموذج التنموي المزمع العمل عليه بنظام مساءلة صارم يمنع كل تجاوز وكل إخلال بالمسؤوليات.

 

أما في بخصوص العدالة الضريبية فلابد من تكريس مفهوم الإنصاف الضريبي، فيمكن للضريبة أن تحقق العدالة الاجتماعية إذ تم اتباع نظام ضريبي تصاعدي يعمل على فرض الضرائب بحسب قدرة المكلف مما يقلل الشعور بالظلم وبتالي يساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية ويزيد من رفاهية المجتمع.

 

إن الاستمرار في النظام الحالي يشكل خطر على مستقبل المغاربة ويمس بأعز وأكبر مكتسب لهم ألا وهو الاستقرار، فلذلك هناك حاجة ملحة إلى وضع استراتجيات تحد من الفوارق المجالية وتعمل على تكريس مفهوم العدالة الاجتماعية التي تعتبر نقطة الانطلاقة في مسار بناء نموذج تنموي يوفر الرفاه الاجتماعي ويحظى بثقة المواطنين.

 

"... إن الغاية من تجديد النموذج التنموي، ومن المشاريع والبرامج التي.أطلقناها ، هو تقدم المغرب، وتحسين ظروف عيش المواطنين ، والحد من الفوارق الاجتماعية

 

والمجالية. والواقع أن الفئات التي تعاني أكثر من صعوبة ظروف العيش، تتواجد على الخصوص ، في المجال القروي، وبضواحي المدن ..."

 

-مقتطف من خطاب جلالة الملك بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب.

 

[1] مقتطف من خطاب جلالة الملك بمناسبة الذكرى الـ19 لتربع جلالته على عرش أسلافيه.

 

[2] سميح الحمداوي، وهم المساواة وسؤال تكافؤ الفرص، مقال منشور بالجريدة الإلكترونية "هيسبريس" ، بتاريخ 25/10/2018 ، تم الاطلاع عليه فيـ 18/08/2109 _ 21:30.

 

[3] walaw. Press، مؤشر عالمي يضع المغرب في مرتبة وصفت بالمخجلة بخصوص الرعاية الاجتماعية، مقال منشور بتاريخ 11/08/2108، تم الاطلاع عليه فيـ 18/08/2019، 22:00.

 

[4] محمد طيفوري، أزمة التعليم بالمغرب وحقيقة التغيير، مقال منشور بالجريدة الإلكترونية "هيسبريس" بتاريخ 9/9/2009، تم الاطلاع عليه فيـ 18/08/2109, 22:30.

 

 

[5] امحمد مااكي، العدالة المجالية، مقال منشزر بجريدة "اليوم 24" تم الاطلاع عليه بتاريخ 20/08/2019- 20:00.

مجموع المشاهدات: 4949 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة