احتفالية رائعة بالأضواء في مباراة الجزائر وبوركينافاسو بملعب مولاي الحسن

مدرب الجزائر بيتكوفيتش: رغم الصعوبات، تمكنا من تقديم أداء قوي وتجاوز التحديات

زيدان وأسرته يحضرون مجددا لمؤازرة المنتخب الجزائري في كأس إفريقيا بالمغرب

مغاربة فرحانين بفوز المنتخب الجزائري أمام بوركينافاسو بملعب مولاي الحسن

لحظة وصول منتخب أوغندا لمدينة فاس

إبراهيم مازا سعيد باختياره أفضل لاعب في مباراة الجزائر وبوركينافاسو

الوجه الآخر لاحتفالات عيد المولد النبوي

الوجه الآخر لاحتفالات عيد المولد النبوي

إيمان العلمي

ذكرى المولد النبوي الشريف حدث مقدس لدى مسلمي العالم، يعبرون من خلاله عن حبهم للرسول الكريم، و عن فرحتهم بيوم مولده. هو عيد سنوي تتم مراسم الاحتفال به بداية من شهر ربيع الأول إلى نهايته، و تختلف المدة من منطقة لأخرى، نظرا للجدل القائم حول ما إذا كان يوم ميلاد خير البرية يوافق 12 من ربيع الأول أو 17 من نفس الشهر ، إلا أن الكثيرين يميلون إلى اعتبار يوم 12 هو يوم الميلاد ، وذلك لكونه عليه الصلاة والسلام كان يصوم كل اثنين قائلا : (هذا يوم ولدت فيه ) .

 

إن ذكرى ميلاد النبي حدث هام، ذكر أن أول من احتفل به هو الملك ابو سعيد كوكبري علي بن بكتكين ( 548-630ه)حاكم أربيل على عهد صلاح الدين الأيوبي ، يعد من كبراء الأجواد، عرف عنه التواضع والعدل و الكرم كما جاء على لسان الإمام السيوطي(849-911ه). كانت الاحتفالات تتم بعمل الحلويات ، ونظم القصائد ، و توزيع الصدقات في أجواء روحانية صافية . و هذا النهج نفسه سارت عليه الدولة الفاطمية، بحيث كان الاحتفال عبارة عن صواني حلويات توجه نحو الأزهر ، تلقى الخطب والقصائد في مدحه عليه الصلاة والسلام والتذكير بجوانب من سنته، ثم ينتهي الاحتفال .

 

تحتل ذكرى المولد النبوي مكانة سامية في المغرب، فالاحتفال لا يستغنى عنه اليوم، ولا يمر مرور الكرام، وإنما يعتبر عطلة سنوية، وكل منطقة تحتفي بطريقتها حسب ما جاءت به العادات و التقاليد ، ويمكن الحديث أساسا عن مناطق محددة لكونها تشتهر بطقوس وعادات خاصة متميزة عن غيرها ، قد لا تستحسن أو تنال إعجاب الجميع .

 

تعد مدينة مكناس من أهم المدن التي يحج إليها الناس من مختلف المدن بغية إحياء هذه المناسبة ، غير ان الاحتفال في هذه المدينة لا يتم على الطريقة العادية و المألوفة التي عرف بها ، فمن غير الحلويات التي تجدها على حافة الرصيف ابتداء من (باب جديد ) ، وصولا الى المدينة القديمة و زاوية (الشيخ الكامل ) ، حيث تجد في كل أرجاء المدينة خياما نصبت ، منها ما هو مأوى للذين حجوا للمدينة ، و منها ما جعل مطعما للمشويات و ما لذ و طاب من المأكولات الشعبية ، أما باقي الخيام فنصبت لما يسمى ( قياطن الحضرة )، حيث يجتمع عدد هائل من الناس، يشاهدون و يستمتعون برؤية (المجذوبين )؛ و هم أشخاص يدّعون النسب الشريف ويستعرضون القوى الخارقة بشرب المياه المغلية، وأكل الزجاج ، وضرب كل قطعة متاحة من جسدهم دون أي تعبير عن الإحساس بالألم، يتم ذلك في أجواء تعلوها أصوات موسيقى (السواكن )الصاخبة وسط( تحيار) النساء و الرجال و أجواء الحضرة على انغام (ميرة ، عيشة ، حموا...) كلٌّ وما يهز كيانه، ويحرك هواه، وهو مايطلقون عليه: (صحاب الحال أو الهوايش ) ، كأن كل شخص ينتظر دوره ليرقص بكل ما أوتي من قوة على هذه الأنغام إلى أن يغمى عليه ليرشوه بماء الزهر ، و يزغردون له إعلانا له بالخلاص .

 

ويجدر القول بأن هذه المشاهد أحيانا تكون مرعبة ، خاصة بالنسبة للأطفال الذين يعاينون هذه المشاهد بكل براءة و رعب و استغراب ، ولعلي أتذكر أني كنت أرافق أمي و خالاتي اللائي كن يتجهزن لحضور هذه الأجواء، ويحرصن على عدم تفويت أي خيمة من خيم الحضرة بغية المشاهدة و تبادل أطراف الحديث و الاستعاذة بالله في الأخير ، خاصة خالتي الكبرى التي مازالت تؤمن بشدة ب (صحاب الحال ) و( مَّالين المكان) كناية عن الجان التي تزعم ان منزلها لا يخلو منهم، وأنها تعلم بشكل كاف عن هذا، مما يسلب منا حق مجادلتها في الموضوع ، و أتذكر أيضاً انه و قبل كل موعد خروج كانت أمي تحرص أن تكون ملابسنا بعيدة كل البعد

 

عن اللونين الأحمر و الأسود بدرجاتهما ، مستحضرة أسطورة قائلة بأن (المجذوبين ) يكرهون أن يلبس غيرهم هذين اللونين ، و أن أحد الجارات في يوم ما كانت تتجول كالعادة ، لتهجم عليها إحدى (المجذوبات )، وتحاول التهامها كما هو الأمر بالنسبة للمواشي التي يهديها أغنياء المدينة (للطايفة)، والتي يتم التهامها نيئة بعد ذبحها على أبواب (الشيخ الكامل) .

 

كل هذا يتم قبل اليوم الأساسي ، ما يسمى بيوم الطائفة ، فمع طلوع فجر هذا اليوم، يتجهز سكان المنطقة بلباس أبيض نظيف ، و بهدايا من قوالب السكر و الشموع البيضاء ورؤوس مواش أحيانا، يتوجهون صوب الشيخ الكامل ليطلبوا كل متمنياتهم في خنوع و ذل ،متمسحين بالضريح طالبين البركة والشفاء والغنى ...

 

بعد هذا ينتظر المتفرجون مرور الطوائف ، التي تجتمع من مدن مختلفة ،طائفة سيدي بابا ، طائفة مولاي إدريس، وطائفة الغرب ... ، لتمر في مواكب يغلب عليها صوت (عيساوة ) و المديح و الجذبة و التكبير و الزغاريد ، كل على حدة... و هكذا يعلنون إنهاء الاحتفال .

 

لا يخفى أن هناك من يعتبر هذه الطقوس مقدسة، تدخل ضمن موروث مدينة مكناس، بحيث يجب الحفاظ عليها و عدم المساس بها ، إلا أن هذه العادة، في نظر آخرين، أصبحت تشكل خطرا على الساكنة سواء من حيث التلوث الذي تعرفه المدينة خاصة في هذه الفترة إذ تفوح منها رائحة بقايا الذبائح ، فضلا عن عمليات السرقة التي تحدث بفعل الازدحام ، ولا ننسى أعمال الشعوذة التي تأخذ الحصة الأكبر ... .

 

 

وفي الختام نود التساؤل عن موقف الحكم الشرعي من هذا الاحتفال، ونريد معرفة أي الطرحين تتبنون ، هل الطرح القائل بتحريم الاحتفال و اعتباره بدعة، أم الطرح القائم على اعتبار الاحتفال فرصة لتعظيم النبي و طلب شفاعته والاهتداءبسنته وطلب بلوغ الصفاء الروحاني ؟.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

*
*
*
ملحوظة
  • التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
  • من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات
المقالات الأكثر مشاهدة