الرئيسية | ثقافة وفنون | القاص مبروك السالمي .. "كاريكاتوريست" الذات والقيم الاجتماعية بحوارية اللغة الشعرية

القاص مبروك السالمي .. "كاريكاتوريست" الذات والقيم الاجتماعية بحوارية اللغة الشعرية

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
القاص مبروك السالمي .. "كاريكاتوريست" الذات والقيم الاجتماعية بحوارية اللغة الشعرية
 

الكتابة عنده تعبير عن الذات، وتحقيق لوجود، وفهم للعالم والمحيط .. يعيد بناء هذا العالم في صور مختلفة تتدرج من الواقعية إلى التهكم والنقد، والتعرية، والنكتة الساخرة، واللاذعة، والموقف الساخر، إنه القاص مبروك السالمي رجل التعليم الذي رأى في مهنته معينا لا ينضب يضخ حياة جديدة في إبداعه القصصي.

"اهتمامي بالكتابة كان منذ حداثة سني، فهي جزء من كياني"، يقول السالمي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنها "علاقة الروح بالجسد. لاحظ المعلم موهبتي في الكتابة، فشجعني وأولاني رعايته واهتمامه حيث كان يحثني على قراءة ما أكتبه على أقراني في الفصل الدراسي".

بعين الشواطر بإقليم فكيك كان مسقط رأس السالمي، لكن ظروف عمل والده وقتها بسلك الجندية شاءت أن يلتحق بالرشيدية وهو ابن خمس سنوات، حيث نشأ وتابع تعليمه الابتدائي والثانوي ليتخرج بعدها أستاذا في سلك التعليم الابتدائي.

تشابه البيئة والوسط الجغرافي بين فكيك والرشيدية أسهم في عدم شعور السالمي بالغربة، إذ تأقلم بشكل سريع مع المتغيرات وأصبح من ابناء الدار الذين حملوا بندقية الكلمات للتعبير عن اختلال قيم اجتماعية أصبحت خاوية على عروشها... شجي الحديث خجول قليل الكلام لا ينطق إلا همسا، يبتسم فتغرق عيناه الضيقتان المعبرتان في تقاسيم وجه بشوش.

القصة القصيرة بالنسبة لمبروك السالمي، الذي يعيش في وسط فني ملؤه العطاء الابداعي إذ أن ابنه اسماعيل وأخاه محمد فنانان تشكيليان، تشكل "لحظة كتابة أتفاعل فيها مع حدث أو مشاعر تجتاح كياني برمته، فأعمل على التخلص منها على بياض الصفحة. أختزل الزمان والمكان والمشاعر والفكرة وواقع اللحظة. أجعل المتلقي بين إبداع لحظة وملامح فكرة يبحث عن نفسه بين السطور محاولا تحديد أوجه الشبه ونقاط الاختلاف".

فمن خلال هذا الفن الابداعي، يضيف السالمي الذي يهوى المسرح والموسيقى، "اعبر عن خوالج النفس ومتناقضات الحياة في بضع كلمات استطيع من خلالها أن اختزل عالما بأسره، قوامها التمتع بحس المفارقة وروح الدعابة والتفنن في التقاط الاحداث وتحويلها لنص قصير جدا غني ومكثف".

طموحه الابداعي كما في باكورة اعماله "حلزون واحد فقط" لم ينحصر في دائرته المحلية بل تعداه الى ما وراء الحدود حيث شارك بإسهاماته في الأضمومة القصصية "عطر الفجر" مع نخبة من المبدعين العرب، وهي تضم نحو 85 مبدعا يكتبون القصة القصيرة جدا تم اختيارهم من خلال مسابقات في المنتديات الرقمية، الى جانب مشاركته في عدة مواقع ومنتديات الكترونية مغربية وعربية منها منتدى "مطر" وموقع "المحلاج" و"الفوانيس القصصية" و"دروب".

وشكلت محاور الاهتمامات القصصية للسالمي، التي كانت غدد من قصصه مادة لقراءات نقدية متعددة الجوانب، مظاهر السلوك وصورة الوضع الاجتماعي ممثلة في أحواله وقوانينه وسننه وقيمه، وصورة المفاهيم والتقاليد والطقوس التي تتعلق بالذهن الجماعي وتقوده إلى الممارسة الاجتماعية الخاطئة أو المنحرفة ثم صورة العلاقات الاجتماعية.

وفي هذا الاطار، يقول الباحث عبد القادر قندوسي، إن أضمومة مبروك السالمي "فتحت أبواب مجموعة من القيم الاجتماعية والسياسية والدينية والأخلاقية لتسخر منها وتعريها لما لها من آثار سلبية في الحياة...فبعض السلوكات يسيطر عليها التفكير السلبي"، مضيفا أن التحولات النفسية لذات الكاتب تمزج الأحداث والشخصيات بالزمان والمكان, مع عمق في النظر إلى الحياة والوجود. نظرة إلى العالم الذي أضحى يعج بالفوضى.

فمن خلال مجموعته القصصية "نجده قد تفتقت رياحينه، صاح بكل صوته، أصواته، زركش بكل ألوانه، أبدع بكل تقنياته. تقرؤه فيتجلى أمامك شامخا فنانا في الرسم والتشكيل, وقد تتخذ بعض إنتاجاته صورا كاريكاتورية حبلى بالمعاني".

أما الناقد محمد داني فاعتبر ان السالمي " برع في كتابة القصة القصيرة جدا.. وتفنن في تلاوينها وتداويرها.. ويمكن لنا اعتباره كاتبا متفننا في كتابته .. إنسانيا في طرحه .. اجتماعيا في رؤيته القصصية .. ناقدا للمجتمع، منددا بصوره القاتمة .. ساخرا من قيمه المتفسخة".

وتتميز هذه النصوص كلها، يضيف داني، بخطابها ذي اللغة الواحدة والوحيدة، ما عدا قصة (لوحة)، والتي تخللتها جملة (وراه كاينة ظروف)، وهي من المدلول الشعبي، الغنائي التراثي، والتي كسرت أحادية اللغة، وأعطت للنص واقعيته، وبينت إيمان الكاتب بتوظيف الموروث الشعبي دونما حرج ما دام يخدم درامية النص.

إن مبروك السالمي، يقدم مجموعة من الصور المتناقضة في أدق تجلياتها، بأسلوب لا يخلو من فنية، واحترافية، ما دام يضع في مخياله أن هذه النصوص القصصية موجهة إلى قارئ/متلق يضع له مجموعة من المواصفات في ذهنه، ولذلك جاءت هذه النصوص متنوعة الرؤية والضمير، وبالتالي يتورط المتلقي/القارئ مع الكاتب في وضع مجالها وتحديد دوالها.

السخرية عند السالمي في نصوصه القصصية ترتكز على نقد الذات وانتقادها ومحاكمة المجتمع سياسيا واجتماعيا وفضح القيم المبتذلة والمسوخات الاجتماعية وتعرية الواقع، وتصبح السخرية بالتالي من خلال كتابته، ومن خلال منظوره "فن إبراز الحقائق المتناقضة، والأفكار السلبية في صور تغري بمقاومتها، والرد عليها، وإيقاف مفعولها".

نصوص المجموعة القصصية للسالمي تعتمد الفضح والتعرية، تنتقد وتدين كل الاختلالات التي يعرفها المجتمع، كما يؤكد الباحث عبد الرحيم التدلاوي، فمن "نضج" و"تفسير" و"هو وهي" و"لا تحزني" إلى "الزعيم" و"رحلة" و"دموع" وبيت العنكبوت"، نصوص نقدية ساخرة ترتبط بالمشاهد السردية، والحركية والانسيابية.

مجموع المشاهدات: 2295 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة