الرئيسية | أقلام حرة | ضجة الأزبال الإيطالية

ضجة الأزبال الإيطالية

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
ضجة الأزبال الإيطالية
 

 

أي الأسماء تعتبر صحيحة في حقها، هل هي أزبال أم نفايات؛ كما يحلو للبعض تسميتها ؟؟

قبل أن أشرع في تحرير موضوع الساعة على الساحة الوطنية(ضجة الأزبال الإيطالية ببلدنا) عرجت بتفكيري مليا إلى الوراء كي أنبش كطفل صغير؛ لكن ليس في الرمل ولا في التراب بل في أحداث ووقائع ميزت الساحة الوطنية خلال هذه السنة 2015/2016 والتي سنودعها بتوديعنا لحكومة مغربية مميزة جدا  لم يسبق لها نظيرا ولا مثيلا في تاريخنا السياسي المغربي المعاصر، والتي جاءت في ظروف استثنائية بكل المقاييس، عرفت بالربيع العربي، وما رافقه من تغيير للدستور، ولم يبق يفصلها إلا شهورا قليلة جدا على07 أكتوبر المقبل،  والذي ستجري فيه الانتخابات التشريعية المقبلة، ولعلها تحمل معها ما يسعد المغاربة قاطبة ويخرجهم من الضيق الذي لزمهم طيلة عمر ولايتها، ويخفف من أزماتهم النفسية والسيكولوجية جراء ما عانوه من ارتفاع للضغط وارتفاع في الزيادات المتتالية، لعلهم  تحملوها على مضض

إن المغاربة عايشوا أكثر من ضجة إعلامية مع 2فرنك و22 ساعة من العمل والكراطة والشكولاطة، ناهيك عن المسيرات الاحتجاجية لأصحاب البدلات البيضاء ،أساتذة وأستاذات وأطباء وطبيبات وهم ما زالوا قيد التكوين والتدريب وكلهم حماس لتحقيق مطالبهم المشروعة آجلا كان ذلك أم عاجلا 

وكل حدث من هذه الأحداث عايشها المغاربة بجميع فعالياته الوطنية  الحزبية والنقابية والحقوقية والإعلامية ،وأمست حديث الشارع العام والنقاش اليومي في كل الأماكن العمومية وساعدهم في ذلك ما جادت به الثورة التكنولوجية في مجال الإعلام والتواصل الرقمي والمعلومياتي فالكل يتبادل الصور والأقوال والمقالات الصحافية والقيديوات والكاريكاتير والإبداعات الشخصية...سواء عبر الواتساب أو الفيس بوك أوالتويترأو المواقع الكثيرة للجرائد الالكترونية التي أمست تنبت كالفطر حتى أمسى لكل مدينة مغربية مواقعها المحلية تساهم في تأطير وتكوين الساكنة بواسطة ما أمسى يسمى بالإعلام الرقمي المستقل

وما ينتهي حدث ويبدأ المغاربة في نسيانه بعدما يكون قد عمر شهورا عديدة ،حتى يتفاجأ الجميع بحدث جديد وغريب أغرب من سابقيه ، فيبدأ موضوعه يكبر شيء فشئ ككرة الثلج فيمسي موضوع الساعة عند كل مغربي ومغربية في داخل الوطن وخارجه ، والآن المغاربة تراهم شاركوا واندمجوا في أكثر من حدث اجتماعي وسياسي  يهمهم ويهم مستقبل أبنائهم ويمس معيشهم اليومي، وهم يحملون شعاراتهم الرافضة لكل سياسة اللاشعبية تمس جيوبهم والتي أمست الوسيلة المثلى للتخطيط الحكومي في أي إصلاح تقدم عليه ،وحتى لاننسى أو نتناسى؛ الماء والكهرباء وصندوق المقاصة وأخيرا صندوق التقاعد وما واكبه من احتجاجات للطبقة العاملة آخرها 10 يوليوز أمام البرلمان في تنسيقيات بدون غطاء ولا مظلات نقابية أو حزبية كرد فعل قوي على الطريقة التي تم بها تمرير مشاريع صندوق التقاعد بمجلس المستشارين وما هي إلا أيام قليلة حتى نزل خبر الأزبال الإيطالية وما واكبه من ضجة إعلامية كبرى على الصعيد الوطني والدولي .وتساءل البعض ،كيف يحدث هذا في بلد له مشروعه  العالمي في الطاقة النظيفة و المتجددة ،ومع حملة وطنية تحت شعار صفر ميكا ...وفي بلد سيحتضن أكبر تجمع أخضر في العالم ،كوب22 

ويقول المثل المغربي ((لحرثوا الجمل دكوا)) تتم صفقة الأزبال الإيطالية لا نعرف أين نضعها؟ ولا كيف سنسميها ؟ ولا يفهم أحد هل استيراد الأزبال من دولة أخرى ليس له مسا بكرامة شعب عريق له حضارة ضاربة في التاريخ والقدم آسمه المغرب؟ وكيف سنفسر ونشرح لأطفالنا لما يسألوننا كآباء و أولياء ،ذلك السؤال المحرج؟ ولعل الآباء سيمررون كلمة النفايات مكان الأزبال ،لأن وقعها كبير و حمولتها  في ثقافتنا الشعبية وكذا قاموسنا الدارجي المغربي؟؟ . وهل السفن المحملة بالبضائع والسلع، تحولت إلى حاويات لنقل أزبال الشعوب المتحضرة عبر البحار والمحيطات لحرقها أو دفنها بدول الجنوب؟؟ 

أما كلمة الأزبال فلفظ قبيح في قاموسنا الدارجي ولا نستعملها إلا في أوقات الغضب والاستثناء ، لكن للأسف الشديد في هذه الأسابيع الأخيرة التصقت بكل مقام ومقال بين المغاربة هذه الأيام.

وحتى نغور شئ ما في ملامستنا لكلمة (الزبل) في مجتمعنا المغربي، لا بد أن نستحضر طفولتنا المغربية بالبادية والأرياف ؛ حيث كانت الأسر هناك تعتمد في عيشها على منتوجاتها المحلية والذاتية في حياتها الطبيعية جدا، فحتى الوقود الذي كانت النساء تستعملنه للطهي هو من منتوج فضلات الأبقار،وكنا نسميه ونحن صغار (الزبل) حيث   تعتمد النساء القرويات على عرض هذه الأزبال لأشعة الشمس مدة معينة حتى تيبس فتتحول إلى وقود طبيعي للفرن البدوي  (إينوور)، أو  يتم جمع هذه الأزبال في مكان معين ليتم نقلها إلى الأرض التي لا تتوفر على تربة غنية ليتم تسميدها بهذه الأزبال حتى يكون المنتوج وافرا ، مادامت تساهم هذه الفضلات في إغناء التربة بمواد عضوية، وبذلك كان الإنسان البدوي في ذلك الزمان، صديق البيئة ويعيش في دورة طبيعية في حياته ولا يساهم لا في تلويث لا ماء ولا تربة ولا هواء،  وكل شئ يحصل عليه من التراب يعود إليه من جديد، عكس ما نراه الآن بعد التقدم العلمي الكبير للبشرية حيث عدل الإنسان النمو الطبيعي لأكثر الكائنات الحية، وطور مجال مواده المصنعة حتى أصبح يواجه أكبر تحدي عالمي، وهو التلوث البيئي على مستوى التربة والهواء والماء، وأمسى يهدد مستقبل حياته وحياة باقي الكائنات الأخرى فوق كوكبنا، وأعماه الجشع، فأمست أكثر من دولة عبر العالم تخصص الملايير من الدولارات للقضاء على أزبالها، ولما البحث  عن دول في الجنوب تصدر لها أزبالها وهذا عرف جديد بين الدول الغنية والفقيرة، وربما سيتم التفكير مستقبلا في توقيع معاهدات واتفاقيات بين الدول لاستقبال سفن غير مملوءة بالسلع والمواد الغذائية بل بالأزبال

لكن السؤال الذي يطرح بشدة عن كل مسؤول يشارك في مثل هذه الصفقات، هل يمكن أن نجزم بأن هذه الأطنان الضخمة من الأزبال غير سامة؟ وهل باستطاعة

أي كان أن يجزم لنا  بأن هذه الأزبال خالية من أي خطر على البشر؟

وربما هذه الأسئلة لا يعرف أجوبتها إلا أصحابها، وهذا ما صرح به الايطاليون لما انتشر خبر دخول أزبالهم إلى الأراضي المغربية، ليتم حرقها في أفران الإسمنت

وهل ليس لإيطاليا مصانع للإسمنت؟ أم عالم السياسة غير مكشوف ليعرف الجميع الحقيقة؟ أم هو زمن العولمة كل شئ أمسى بالبيزنيس؟  

مجموع المشاهدات: 724 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة