الرئيسية | أقلام حرة | الشباب المتعلم ومعضلة التشغيل في قانون المالية 2015

الشباب المتعلم ومعضلة التشغيل في قانون المالية 2015

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الشباب المتعلم ومعضلة التشغيل في قانون المالية 2015
 

 

 

لقد تتبعنا كيف ركزت الحكومة في مشروع المالية لسنة 2015 في مجال تشغيل الشباب على محورين أساسيين، يتعلق الأول ببرنامج التدريب من أجل الإدماج، والثاني بدعم خلق المقاولات المتوسطة، والصغرى، والصغرى جدا. والحكومة تصرح بتقديمها لتدابير وإجراءات جديدة في المجالين، سنخصص هذا المقال للمشروع الأول على أن نخصص مقالا آخر للتشغيل الذاتي.

بصفة عامة، لم نلمس فيما تم تقديمه من طرف الحكومة أي تقييم للتجارب السابقة، الشيء الذي قد يوهم المواطن وكأن الحكومة تقترح مشاريع جديدة. ففي مجال "التدريب من أجل الإدماج"، جاء في مشروع قانون المالية 2015 أن الحكومة برمجت، من خلال مشروع قانون جديد ستصدره وزارة التشغيل، تعديل القانون السابق (رقم 1-16-93). لقد صرحت الحكومة أنها تعتزم جعل هذا القانون آلية حقيقية لتسهيل إدماج الشباب حاملي الشهادات في سوق الشغل. لقد عبرت الحكومة من خلال هذا المشروع على الحرص لجعل مقتضياته تضمن بنسبة مرتفعة "ترسيم" المتدربين بعد الانتهاء من فترة التدريب. ومن خلال قراءتنا لمشروع الميزانية 2015، وتتبعنا لتصريحات المسؤولين الوزاريين في هذا الشأن، وقفنا على أهم النقط التي ركزت عليها الحكومة في هذا البرنامج :

·        تحمل الدولة للتكاليف الاجتماعية في حالة مرور المتدرب من وضع العقود ذات المدة المحددة CDD إلى العقود ذات المدة غير المحددةCDI ، مع تمكين المتدربين من التغطية الاجتماعية،

·        فرض معدل عدد مضبوط من المتدربين كسقف أعلى للحد من اللجوء المبالغ فيه إلى المتدربين واستغلال البرنامج لتحقيق أهداف ذاتية (خفض تكلفة الإنتاج) على حساب التشغيل الدائم،

·        تمكين المتدربين، في حالة حل العقدة في ظرف 6 أشهر الأولى عوض 3 أشهر الجاري بها العمل في القانون القديم، من الحصول على تدريب آخر، مع تمكين الشباب، المسجل في الوكالات الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات، والذي يبحث عن العمل لأزيد من 12 أشهر، من إمكانية تجديد عقد التدريب،

·        اعتماد المرونة في المشروع من خلال الاستعانة بالوسطاء في مجال التشغيل لمحاربة البطالة،

·        توسيع مجال التطبيق ليشمل حتى التعاونيات،

·        ....إلخ

من الوهلة الأولى، يتضح أن هذه الإجراءات والترتيبات هي مجرد أهداف عامة تحتاج إلى الدقة والتفصيل. إنها إجراءات لم تشر إلى الخطوط العريضة التي سيتم التركيز عليها في عملية تفصيل المساطر التي يجب إتباعها بضمان الدقة في مرحلة التنفيذ، ولم تستحضر الاختلالات التي عرفها برنامج "التكوين من أجل الإدماج" خلال السنتين الأولى بعد انطلاقه، والذي كلف الدولة مبالغ مالية كبيرة. الكل تتبع كيف تحول المتدربون إلى ضحايا في هذا البرنامج. فإذا كان البعض من المتدربين محضوضا وتوصل بالتعويض الشهري كاملا، فإن نسبة منهم لم تتوصل إلا بتعويض الدولة فقط، واضطر عدد آخر من قبول نصف تعويض الدولة، بينما حرم العدد الآخر من التعويض بكامله. لقد تتبعنا معاناة الشباب في عملية البحث عن موافقة المقاولات على التوقيع على عقود الخاصة بهذا البرنامج. ففي عدد من المدن الصغيرة والمتوسطة لم يتلقوا في غالب الأحيان إلا جواب عدم قدرة المقاولين على أداء التعويض الخاص بهم، والذي يقدر حسب البرنامج ب800 درهم شهريا (الجزء الثاني من المبلغ تؤديه الدولة ليكون مبلغ التعويض الشهري على التدريب هو 1600 درهم). كما كانت المسطرة المتبعة تعتبر تعويض الدولة هو دعم للمقاولة وتشجيعا لها حيث يفرض القانون، بعد توصل المؤسسة الوصية بملف متكامل تعده المقاولة المعنية، ويتضمن شواهد الأجرة موقعة من طرف كل متدرب (إقرار بالتوصل بمبلغ 1600 درهم شهريا)، بتحويل الاعتمادات المخصصة لذلك إلى الحساب البنكي للمقاولة المعنية. لقد عرف هذا البرنامج انزلاقات غير مقبولة، بحيث تم الوقوف على حالات تأكد من خلالها توصل بعض المقاولات بالتحويل، لكنهم لم يسلموه للمتدرب، ليكونوا في نهاية المطاف قد استفادوا من استغلال عمل عدد كبير من المتدربين والاستيلاء على مبلغ 800 درهم على كل متدرب (تعويض الدولة). فبالرغم من كون هذا البرنامج قد تعرض إلى انتقادات واسعة من طرف البرلمانيين في الغرفتين، ومن طرف الفاعلين الاجتماعيين والمجتمع المدني، بقي ساري المفعول منذ سنة 2006 إلى سنة 2014 بالرغم من خروجه الواضح عن الأهداف النبيلة التي تم تحديدها مسبقا. لقد تحول هذا البرنامج إلى مجرد آلية استغلت من طرف العديد من المقاولات من أجل تخفيض تكلفة الإنتاج، وبالتالي لم يحقق هذا البرنامج إلا نسبة ضعيفة في عملية إدماج المتدربين في سوق الشغل. أكثر من ذلك، لقد تم الوقوف في حالات أخرى رفض فيها عدد من المشغلين حتى أداء التكاليف الاجتماعية حيث ربطوها بضرورة التوصل بالتحويلات المالية من طرف الدولة.

خلاصة

لقد عرف تنفيذ برنامج "التكوين من أجل الإدماج" عدة اختلالات، يجب استحضارها بالحرص المطلوب والعمل على تجنبها في تعديل القانون السابق. لقد غاب هاجس المراقبة والتقييم المستمر خلال التنفيذ منذ انطلاق البرنامج. وعليه، لا يمكن ختم هذا المقال بدون الإسهام ببعض المقترحات التي نراها قد تضفي بعض المصداقية على برنامج "إدماج" الذي تنوي الحكومة المصادقة عليه في المستقبل القريب:

·        من أجل حماية حقوق المتدرب قانونيا، نقترح خلق صندوق تابع لوزارة التشغيل تدفع فيه شهريا مبالغ التعويض والتكاليف الاجتماعية الخاصة بالمقاولات والدولة، على أن تتكلف إدارة هذا الصندوق من تحويل مبالغ التعويض القانونية إلى المتدربين شهريا، وإلى مؤسسات الرعاية الاجتماعية والصحية،

·        تكليف مفتشي الشغل بالمراقبة والتقييم المستمر للمشروع خلال فترة التدريب،

·        ضبط العلاقة ما بين المتدرب والمقاول بواسطة دفتر تحملات يتضمن الحقوق والواجبات لكل طرف،

·        إخضاع عملية الإدماج لآلية التقييم الموضوعي والشفاف لأداء المتدربين تسهر على تنفيذه لجنة مشتركة ما بين الدولة وأرباب العمل،

 

·        ...إلخ

مجموع المشاهدات: 1137 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة