الرئيسية | قضايا المجتمع | على هامش جريمة طنجة.. حقوقي ينتقد المدافعين عن "حد" الإعدام

على هامش جريمة طنجة.. حقوقي ينتقد المدافعين عن "حد" الإعدام

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
على هامش جريمة طنجة.. حقوقي ينتقد المدافعين عن "حد" الإعدام
 

أخبارنا المغربية - محمد اسليم

إعتبر الناشط الحقوقي عمر أربيب أن  النقاش الدائر حاليا حول عقوبة الإعدام في الكثير من جوانبه غير مؤسس قانونا ولا فلسفة، بقدر ما هو مبني على إرث ثقافي ومرجعية تشريعية غير تعاقدية، بمعنى مرجعية تستلهم شرعيتها من الماضي وتحاول ان تكيفه مع مقتضيات ولغة الحاضر.

أربيب إعتبر كذلك أن على الذين يدافعون عن عقوبة الإعدام، أن يعرفوا أن القانون الجنائي ينص عليها، وأنه حتى التعديلات المرتقبة تتضمنها، وأن احدى توصيات لجنة الانصاف والمصالحة ذهبت في اتجاه نقاش الموضوع، وأن الحوار حول ما سمي باصلاح العدالة طرح الموضوع للنقاش والتداول، مضيفا أن المغرب للأسف لم يصوت 6 مرات داخل أروقة الامم المتحدة على توصية بوقف عقوبة الإعدام، علما انه متوقف التنفيذ ليس بقرار قانوني ولكن لاعتبارات اخرى منذ 1993.

عضو المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أكد كذلك أن الإعدام منصوص عليه قانونيا رغم ان النص لا يتطابق والدستور الذي يؤكد على الحق في الحياة، ورغم أن الدولة تطرح دائما أمام المجلس الدولي لحقوق الانسان، وأثناء تقديمها للتقارير حول المعاهدات والاتفاقيات الدولية، بانها ستفتح نقاشا حول الموضوع سواء بين الفرقاء أو مجتمعيا.

أربيب أكد أن نقاش الاعدام مغلوط لأنه منصوص عليه، مضيفا أن على المساندين والداعين للإعدام وتنفيذه، أن يفصحوا عن ذلك بكل شجاعة، وأن يكونوا أكثر وضوحا عبر الافصاح عن مرجعيتهم الفكرية والتشريعية، وبما أن القانون الوضعي واضح بنصوصه، عليهم - يقول المتحدث - أن يفصحوا عن مصدر تشريعهم وألا يختبؤوا وراء ستار القانون لأنه فضحهم بنصوصه، التي يختلف معها أربيب ورفاقه في العديد من التفاصيل، مع تأكيده على ضرورة مطابقتها للقانون الدولي لحقول الانسان، مشيرا أن مرجعية المدافعين تعتمد الحدود والقصاص، في العديد من القضايا (السرقة، الزنى، الردة، الحرابية، والقتل، والجروح، والاصابات...)، وأن هناك محرمات اخرى يعتقد أربيب لم ترد فيها حدود. فالقول- حسبه - بالقتل والرجم والشنق والجلد وغيرها من الحدود، لم يستعض عنها هذا التيار بشكل نهائي، فكلما تمكن في نقطة جغرافية من الارض طبقها، وحين يستعصي عليه ذلك ينحني للعاصفة ويقبل بنصوص قانونية جزائية تعوض الحدود، وفي نفس الوقت يسعى كلما سنحت له الظروف وموازين القوى المجتمعية بتفسير النص القانوني وإعطائه بعدا حديا تدريجيا، وقد يتم هذا باستغلال حالات الغضب الانساني، او الفواجع والكوارث الطبيعية وغيرها من الظواهر الذي يعطيها هذا النسق الفكري والسياسي بعدا ميتافيزقيا ولاهوتيا، مستغلا المشاعر والوجدان. في حين - يضيف عمر - هذا التيار لم نسمع عنه يبدع او يطرح نقاشات حول قضايا الفساد المالي، تبذير واختلاس المال العام، اي ما نسميه الجرائم الاقتصادية والاجتماعية، من منظوره الفكري والتشريعي بل يركن الى ماورد بشأنها في القانون الوضعي.

أربيب قال كذلك: "إن الدعوة للقتل خارج نطاق القانون، وإن كنت ضده حتى في نطاق القانون لتعارضه مع قيمة قدسية الحياة، وللقصاص هي مقدمات لإعادة أحياء الحدود وإلغاء النصوص القانونية في حالة التمكين السياسي والمجتمعي لهذا التيار، فأنا إطلاقا غير مقتنع بأن الإعدام عقوبة، كما أنه ليس من السهل وقف الجرائم بمختلف درجات بشاعتها بتنفيذ الإعدام باشكال مختلفة سواء في اماكن مخصصة لذلك او أمام الجمهور، والدليل أن بلدانا تعرف تطورا متزايدا للجريمة مع أنها تنفذ الإعدام، بل هناك ولايات بأمريكا تصدر وتنفذ أحكاما بالإعدام في حق قاصرين عمرهم لا يتعدى 15 سنة، وبالمناسبة الولايات المتحدة الأمريكية لم تصادق على اتفاقية حقوق الطفل، ونعتقد ان النقاش السليم يكون حول كيفية قطع دابر الجريمة، واستئصال مسبباتها، خاصة بعض الجرائم التي يمكن تقليصها أو القضاء عليها، وكيف يمكن تطوير التشريع والردع القانوني، وفي حالات اغتصاب القاصرات والقاصرين، فعلى المشرع أن يجرم البيدوفيليا باعتبارها جريمة قائمة بذاتها وقد ترقى الى الانتهاك الجسيم او ضد الانسانية، لاننا نعتبر اغتصاب القاصرين تعذيبا، وليس من المنطقي الحديث عن الاغتصاب المقرون بالعنف، والاغتصاب غير المقرون بعنف، لأن هذا يحمل في طياته وكأن الطفل سيق برضاه للجحيم، في حين أنه في كل الأحوال هو مسلوب الإرادة والقوة، كما أنه لا يمكن أن يعتد بكلامه والأخذ بأقواله حول الإرادة من عدمها. وفي السياق على القضاء تصليب العقوبات، ولعب دوره في الردع، وأضيف أنه وجب وضع القاصر الضحية تحت مسؤولية قاضي الاحداث في حالة تنازل ولي ضحية الاغتصاب، وألا يأخذ بهذا التنازل سواء للتخفيف وغيره، ونفس سياق محاربة الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الطفل وضمنها الإغتصاب والاستغلال الجنسي وجب الانتباه الى عدم إغفال تجفيف المستنقعات المنتجة للجريمة والمسببة لها والمحرضة عليها.

وختامها - يقول أربيب - ليطمئن الداعون لعقوبة الإعدام، ففي ملف مشابه للشهيد الطفل عدنان، صدر قبل أقل من سنتين من طرف الغرفة الجنائية بمحكمة الإستئناف بمراكش حكم بالإعدام في حق الجاني الذي اغتصب وقتل طفلة عمرها 11 سنة، لكن وجب الانتباه أن الهدف الآن هو الضغط لعدم إحراز تقدم في المناقشات القادمة للقانون الجنائي، و الأخطر تهييء المجتمع لمشروع يتجاوز النصوص القانونية الحالية بقصورها، لبناء منظومة قانونية تراجعية متخلفة عن التقليدانية وتمهد لشريعة الحد مستقبلا، إنهم واعون بما يفعلون يربطون جيدا بين التكتيك والاستراتيجة وما يروجه البعض انه مجرد انفعالات يبدو لنا غير ذي حجية، فالتحريض على الكراهية والقتل منتشر، والهجوم على كل من يعارضهم قائم، وبالتالي فأي تراجع من طرف قوى الديمقراطية والعقلانية المؤمنة بالمرجعية الكونية لحقوق الانسان تحت تأثير فظاعة الجريمة او الهجوم الكاسح للمحافظين او بدعوى ان المجتمع غير مهيء وغيرها من التبريرات، سيضعف قدرة الحركة الديمقراطية والتنويرية على خوض الصراع الفكري والقانوني والحقوقي، ويضعف من تاثيرها للمساهمة في بناء دولة الحق والقانون، والديمقراطية وكافة حقوق الانسان للجميع، ويفسح المجال ويعبد الطريق لبناء الدولة الإطلاقية يؤكد الناشط عمر أربيب.

مجموع المشاهدات: 695 |  مشاركة في:

مقالات ساخنة