الرئيسية | أقلام حرة | جوائز الطفولة والشيخوخة

جوائز الطفولة والشيخوخة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
جوائز الطفولة والشيخوخة
 

اقترنت الحياة الاجتماعية المعاصرة من المجتمع الدولي، بتحولات عالمية بعد الحقبة الاستعمارية في جل ميادين الحياة، التي كان لها انعكاس متمدن في حياة المجتمعات وساكنتها، خاصة الناشئة التي تتدرج في الحياة مهلا، كي تبني المستقبل بالكاد سهلا، إذ من العمل العقلاني ينشط الجسم وتنتعش الروح من بعد التعب .

 

وهكذا صار المجتمع يسهر بالطرق العلمية والمناهج التربوية على تكوين ناشئة اجياله، كي لا يفوته الركب الدولي بين الامم ويعيش وساكنته حياة القهقرة المولية الى الوراء، لذلك تسهر المجتمعات على الريادة والتطور بما تهيئه لأجيالها من الحياة المستقبلية، إذ السباق الدولي يبدأ بما يهيئ للإنسان من الموارد التي تؤهل الفرد للحياة الاجتماعية والدولية .

 

ومن تم كان التعليم بوابة الحياة العلمية لبناء الانسان والمجتمع بنيان استدامة، يبدأ من التربية السليمة، التي تثمر في الانسان العقل السليم، انطلاقا من التربية والتعليم .

 

التعليم :

 

يبدأ من المدرسة، وينتهي من الجامعة، والعمل يبدأ من المؤسسة، وينتهي بالتقاعد، وهو أجمل اعتراف وتكريم من المجتمع نحو المستخدم به .

 

 المدرسة :

 

يبدأ في المغرب سن المدرسة من بلوغ الطفولة سن السابعة – سن التربية العلمية المستقبلية -، ويبدأ سن العمل من الثامنة عشرة، الى سن الستين سنة تقريبا .

 

وإن كانت حياة الطفولة يهيئ لها المجتمع كل الامكانيات لأجل الانتاج، والإعداد من الفرد القوة جديدة بالمجتمع، فإن عليها أن لا تهمل الاجيال التي ادت رسالتها المجتمعية، وتعتبرها اجيال ولت من العالم الآخر، بل عليها الاهتمام والرعاية وإعادة التنشيط للمتقاعد كي تنتج منه مالم تكن قد انتجت .

 

خاصة وأن الانسان المغربي كان في بداية عمله المنظم يشتغل ثلاث ساعات في الصباح، وثلاث ساعات بعد الظهر، وعطلة اسبوعية من يوم ونصف .

 

وعهد مراجعة نظم العمل الادارية، تحول التوقيت اليومي الى عمل مستمر، يبتدئ من الثامنة والنصف صباحا، الى الرابعة والنصف بعد الظهر، مع 30 دقيقة وسط النهار لتناول وجبة خفيفة، وعطلة اسبوعية من يومين .  

 

كما تحول التوقيت الاداري من ساعة اضافية خلال الموسم الصيفي، الى ساعة جارية طول السنة على التوقيت العادي .

 

وتحول سن نهاية العمل الاداري من بلوغ المستخدم سن الستين، الى ما فوق الستين لدواعي مالية .

 

كل هاته التحولات الاجتماعية زامنت حياتنا من الطفخوخة : من سن الطفولة المدرسية ، الى نهاية العمل بالمؤسسة من سن الشيخوخة، والتي توجت بلوائح شرف، وجوائز تشجيعية، وشواهد تقديرية .

 

الجائزة الاولى :

 

كنت محظوظا حين التحاقي بالمدرسة، حيث لم يكن وقتها في الطور الابتدائي، قسم التحضيري الثاني، حيث انهيت التحضيري الأول وعهدي لا علم له بالنظام المدرسي، إذ لم اعرف كيف مر العام الدراسي، وكيف انتقلت الى الابتدائي الأول، وكأنني انتقلت من التعليم الأولي الى التعليم الابتدائي .  

 

وخلال العام الثاني من الابتدائي نظم حفل نهاية السنة، الذي جرى تنظيمه بساحة المدرسة وشارك التلاميذ في حفله بمساهمة نقدية من 50 فرنكا وهو ما يعادل نصف درهم، انشدنا خلاله الأناشيد المدرسية أمام اللجنة التربوية المدعوة للحفل، كما تناولنا من الحفل كوب شاي وكعكة فم الكأس العائلية، الى جانب صورة تلامذة القسم مع المعلم .

 

وفي نهاية الحفل جاء النداء على التلاميذ المتفوقين الحاصلين على الجوائز التشجيعية، وكانت رتبتي ثالثا بالقسم، إذ حصلت على قلم رصاص، وملونات، ومطبوع قراءتي، خلال حفل نهاية عام الدراسة .

 

كانت فرحتي بالجائزة واسرتي قد زادتني فرحا بالنجاح وحبا في المدرسة، خاصة وأنني حصلت على قراءة للموسم الدراسي المقبل، لكن بعد مرور العطلة الصيفية، وبداية الموسم الدراسي، خيب المنهج السنوي الفرحة بمطبوع القراءة، وكأن الجائزة جزء من الحفل، وليست جزء من مقرر الدراسة .

 

جائزة العمر :

 

حين يلتحق الانسان بالحياة العملية من التربية النظامية، يكون في غاية الفرح، اذ أنه تخرج من حياة العلم المعنوية، ودخل عتبة حياة العمل المادية، من بوابة : اقرأ واكتب .

 

والحياة العملية في زماننا تطلبت منا اربعة عقود من العمل، منه اليدوي، ومنه الآلي، حالنا وقتها يساير ويتطور من حال مجتمعنا، وما كان ارسخ في ذهني من كلمة توجيهية لأستاذنا من مدرج الدراسة، يوم خاطبنا في نهاية الموسم الدراسي : يا أبناني أنتم في سن الدراسة والتعود على النجاح، لكن ما أتمناه لكم هو النجاح في الحياة العملية، وهي النجاح من الحياة كلها .  

 

وهكذا كانت جائزة العمر من حياة التربية الاجتماعية اولا، والحياة العملية ثانيا، والوداع المتوج بشاهدة الاستحقاق نهائيا .

 

الجائزة الختامية :

 

هي تكريم مهني وليس اداري، حيث تشرف عليه التمثيلية المهنية للعاملين، في حفل وداع سنوي ينظم خارج المؤسسة المشغلة لفائدة المتقاعدين المودعين من سن نهاية العمل، يجمع الحفل مهنيي القطاع من مختلف المؤسسات، في جمع خاص خارج اوقات العمل يحضره عدد من المدعوين وعلى رأسهم ممثلو الأوصياء على القطاع، واللجنة التنظيمية، مع فوج المتقاعدين وأفراد عائلتهم .

 

إذ لا يخلو الجمع من منصة تلقى منها كلمات الحفل، والمناداة على الأسماء المعنية حيث تلتقط لها صور تذكارية مع تسلم الجائزة الاستحقاقية، وشهادة الاعتراف من التمثيلية بمزاولة المهنة، في إطار المؤسسة المشغلة .

 

 

وإذا كانت الجائزة التربوية مبعث فرحة بالنجاح تغمر النفس وسط تلامذة الفصل، فإن جائزة توديع المتقاعد مبعث نفس أخير، مشفوع بالحمد وفراق اسرة العمل، للحياة في أجواء اسرة البيت .

مجموع المشاهدات: 410 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة