الرئيسية | أقلام حرة | الفوارق الفادحة بين تصورات البرامج الإنمائية وأوضاع الأطفال في العالم!

الفوارق الفادحة بين تصورات البرامج الإنمائية وأوضاع الأطفال في العالم!

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
الفوارق الفادحة بين تصورات البرامج الإنمائية وأوضاع الأطفال في العالم!
 

تعد عمليتا التربية والتعليم من أعقد المهام التي يمكن أن تناط بإنسان أو يسند إليه يتم التنظير لها والبحث فيها، وتعتبر كذلك من أكثر الإشكالات التي شغلت العقول والمذاهب الفكرية والفلسفية على الدوام، منذ أفلاطون وسقراط حتى بياجي وفوكو وبافلوف، ثم إن هذه الإشكالات اتخذت بعدا حساسا جدا مع بداية الألفية الجديدة مع ما يعرفه العالم من تغيرات متسارعة وتحديات اقتصادية واجتماعية ومناخية وأمنية مطردة، يقف العالم أمامها أحيانا كثيرة شبه عاجز وغير قادر على مسايرة نسقها السريع والمضطرب، لذا انكب علماء الاجتماع والتربية بتمويلات وتوصيات حكومية دولية على البحث بشكل متواصل من أجل إيجاد مقاربات تربوية ناجعة تضمن تخريج المدارس في العالم لأجيال كاملة الوعي بوضعية الكوكب والمجتمعات البشرية المغرقة في الأزمات المادية بصنوفها والأخلاقية بتفرعاتها. 

 

 

انبثقت عن الجهود الدولية عدة التفاتات ومبادرات رائدة كتوقيع اتفاقية حقوق الطفل، وإنشاء صندوق الأمم المتحدة للأطفال، والبرامج التي تطلقها اليونسيف بالتشارك مع دول حكومات العالم من أجل توفير الحماية الكافية من التطرف والحروب كما في سوريا وشمال نيجيريا واليمن والروهينغا وأوكرانيا والهند وأفغانسان وغيرها، ثم سعيا إلى ضمان شروط العيش الكريم ومقومات الحياة الاجتماعية العادلة من تطبيب وتغذية كافية ورعاية اجتماعية وتتبع نفسي وتعليم جيد متكامل ومساواة وحق في التعبير. كما أطلقت العديد من المخططات الأخرى تروم تغذية المناهج التعليمية بمبادئ التعامل السليم مع البيئة ومع العلائق الدولية المتشنجة وما يترتب عنه من أوضاع اقتصادية واجتماعية مأزومة، لذا تصدر اليونسيف والأمم المتحدة من حين لآخر توصيات لإدراج تعلمات موجهة في المناهج التعليمية للدول الأطراف تتضمن التشبع بقيم التسامح والعيش المشترك، وبقبول الاختلاف والرأي المضاد، وكذا التحلي بواجبات التنمية المستدامة نحو كوكب أكثر سلما ونظافة ورخاء.

 

يتضح بعد كل ما ذكر من مبادرات ومجهودات، وبتقص واضح وتتبع بسيط لأوضاع الأطفال في العالم أنها ما تزال متردية جدا في أغلبها، حيث تعد تلك المبادرات غير كافية ولا تساير ما تخلفه الأزمات المذكورة من أعداد غفيرة من الأطفال المنكوبين والمحرومين من أبسط حقوقهم فمثلا تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن الفقر يؤثر على الأطفال بشكل غير متكافئ في جميع أنحاء العالم حيث يعيش طفل من بين كل ستة أطفال في فقر مدقع بأقل من 1.90 دولار أمريكي في اليوم. تكافح أسرهم من أجل تغطية تكاليف الرعاية الصحية الأساسية والتغذية اللازمة، والخطير هو ترك هذا الحرمان بصمات دائمة في نفسياتهم كما في أجسادهم في عام 2019 ، كان 149 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من التقزم، ومن جهة أخرى فعلى الرغم من التقدم الكبير في معدلات الالتحاق بالمدارس في أجزاء كثيرة من العالم، فإن أكثر من 175 مليون طفل غير مسجلين في التعليم قبل الابتدائي ، ويعانون من عدم المساواة بشكل متأصل منذ البداية. 6 من كل 10 يتركون المدرسة الابتدائية دون تحقيق الحد الأدنى من مستويات الكفاءة في القراءة والكتابة أو القيام بعملية حسابية أساسية دائما حسب تقرير الأمم المتحدة حول وضعية الأطفال في العالم سنة 2019. ويتفاقم هذا التحدي بشكل متزايد جراء الصراع المسلح الذي يغطي مساحات أكبر وأوسع من العالم.

 

تعهد قادة دول العالم وتزامنا مع تبني أهداف التنمية المستدامة في شهر أيلول/سبتمبر من عام 2015، بإنهاء الفقر سنة 2030 ، ولكن توقعات الأمم اليوم وبعد مرور أكثر من نصف المدة الزمنية المبرمجة فيها هذه الأهداف تتوقع :

قد يموت ما يقرب من 52 مليون طفل قبل بلوغهم سن الخامسة بين عامي 2019 و 2030.

سيكون الأطفال في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى 16 مرة أكثر عرضة للوفاة قبل بلوغهم سن الخامسة مقارنة مع الأطفال في البلدان ذات الدخل المرتفع

تسعة من كل 10 أطفال من الذين يعيشون في فقر مدقع سيعيشون في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. 

سيكون أكثر من 60 مليون طفل في سن التعليم الابتدائي خارج المدارس - تقريبا نفس عدد الذين هم خارج المدرسة اليوم، وسيكون أكثر من نصفهم في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. 

ستتزوج أكثر من 150 مليون فتاة إضافية قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة بحلول عام. 

إن الأطفال في عالم اليوم يواجهون - بدون مبالغة - أكثر الحقب عصبية من كل الحقب التي عايشها جيل من أطفال عبر التاريخ، ولا يمكننا أن نعتبر أننا - أفرادا حكومات وهيئات مدنية ورسمية دولية - نقوم بما يكفي لحمايتهم، إلا عندما ينصب تركيزنا على أوضاعهم عوض أوضاع البورصة، وعندما يجاوز إنفاقنا على التربية والتعليم بأضعاف ما ننفقه على الأسلحة والتجييش. 

مجموع المشاهدات: 8349 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة