مؤسسة الربوة تنظم ندوة تحت عنوان "قراءات في مؤلفات الفقيد محمد بردوزي" بمشاركة ثلة من الباحثين

نظمت مؤسسة الربوة للثقافة والفن مساء أمس بالرباط ندوة فكرية تحت عنوان "قراءات في مؤلفات الفقيد محمد بردوزي" شارك فيها ثلة من الباحثين والحقوقيين كإدريس اليزمي وعبد الله ساعف وعبد الجليل ناظم وخديجة شاكر ومحمد الرضواني وبديعة ملوك أرملة بردوزي.

وقال الباحثون إن مؤلفات الفقيد تعتبر المسار الديمقراطي مسارا لولبيا وليس خطيا، إذ يمكن للديمقراطية أن تتراجع عن بعض المكاسب، مشيرين إلى أن بردوزي يركز في تحليله على جملة من العناصر منها الربط بين الخطاب والممارسة، واعتبار النسق السياسي مرتبطا بالنسق المجتمعي بصفة عامة، كما أن الديمقراطية في تصوره "تحتاج إلى مواطن حر ومستقل متحرر من كل علاقات التبعية، إذ يصعب القيام بانتخابات حرة دون تواجد مواطن حر".

وأضافوا أن الفقيد ركز أيضا على ضرورة وجود علاقات تعاقدية شفافة وواضحة في جميع المعاملات، كما أنه أكد على أن انتشار مبادئ حقوق الإنسان داخل المجتمع يمكن أن يعتبر سدا منيعا في وجه القيم المدمرة للديمقراطية بصفة عامة.

وركز المتدخلون على البعد الاستشرافي والتأسيسي في كتابات محمد بردوزي، مشيرين إلى أن كتاب "مصائر ديمقراطية" تحدث عن اللامركزية واللاتمركز قبل أن يبدأ الحديث عنها في المغرب، وركز على ضرورة الانسجام وتزامن الصيرورات في وقت كان يتميز بتعدد المؤسسات الكلاسيكية الجديدة والأشكال الجديدة للحكامة والضوابط واللجوء إلى بنية الوكالات كما أنه يعتبر مسألة تقييم السياسات العمومية مسألة جوهرية.

ولفتوا الانتباه إلى تقييمه لمسألة التكنوقراط وانتقاده لهم عندما يصبحون هم صناع القرار، إذ يتصور أن على السياسيين أن يصنعوا القرار وأن يساعدهم التكنوقراط في تنفيذه، وهو ما يعتبره نوع من التوازن بين القرارات السياسية وبين ما هو تكنوقراطي.

وأشاروا إلى أن بردوزي حذر من ثلاثة مخاطر هي الحلقية وخروج مناضلي اليسار من السياسة ولجوئهم إلى المجتمع المدني على اعتبار أن المجتمع المدني حرفة والخطر الثالث هو الاحتواء الإيديولوجي الذي يعتبره حاضرا بقوة في المجتمع المدني.

واعتبروا أن أعمال بردوزي منذ السبعينيات إلى الآن تتنوع بشكل كبير، لكن يمكن تلخيصها في ثلاثة مسائل أساسية هي "البناء والمواجهة والوعي الثقافي"، مشيرين إلى اهتمامه بالكليات بدل الجزئيات وانتباهه إلى معنى المغرب الثقافي وإلى كون المفاهيم التي قامت عليها المجتمعات الحديثة لا تدخل في قلب المجتمع إذا طغت عليه الأمية.

وتناولوا من جهة أخرى المواقف الاستشرافية التي عبر عنها محمد بردوزي سنة 2000 بخصوص التعليم في كتابه "تحديث التعليم بالمغرب"، مشيرين إلى دلالة الزمن والدعوة إلى الإعمال الجريء للفكر سواء في التعليم أو في الثقافة، وقوله بضرورة ارتكاز منهج الميثاق الوطني للتعليم على ثلاثة ركائز هي "التأويل والتنسيق الكلي والإبداع"، وإصراره على يقظة المواطن وتأهيله، كما نبه إلى منزلق النزعة الصورية وحذر من التشتت في إنشاء القوانين، ودعا إلى اجتثاث المقاربات التجزيئية والدعوة لإعمال الإبداع في تطبيق الميثاق محذرا من مخاطر الكسل.

وفي الختام تناولت الكلمة الباحثة بديعة ملوك أرملة محمد بردوزي التي أكملت تكوينها في كندا، لتقدم موقع زوجها على الأنترنيت، والذي يشمل صور هذا الأخير مع عدد من الشخصيات وتكريمات نظمت له بعد وفاته فضلا عن مقالات تتناول محمد بردوزي المستشرف والمؤسس وصاحب الكلمات، والذي شارك في تأسيس عدد كبير من المؤسسات، علاوة على جزء يتعلق بالتعريف ببردوزي (1948-2011) ومساره التعليمي والتزامه السياسي والاجتماعي ودوره في المجتمع المدني وكذا في اللجان وهيئات الدولة وكذا مشاركاته في ندوات ومناظرات وطنية ودولية والأعمال والمؤلفات التي أصدرها.

تجدر الإشارة إلى أن مؤسسة الربوة للثقافة والفن تعد جمعية ثقافية مستقلة تعمل على تنظيم لقاءات وندوات في مختلف المجالات فضلا عن قراءة الأدب النسائي المغربي وتنظيم لقاءات مع مبدعات مغربيات وتقديم ومناقشة الدراسات الإنسانية التي تعنى بقضايا المرأة المغربية وتنظيم قراءات في الروايات العربية والمغربية الحاصلة على جوائز.

كما أن من مشاريع مؤسسة الربوة إحداث مركز الربوة للدراسات وإصدار مجلة ثقافية باسم المؤسسة وإحداث جائزة تشجيعية سنوية باسمها لفائدة المبدعين والباحثين من الشباب ومن النساء، وتنظيم حملات وقوافل مكتباتية من أجل تشجيع الإطلاع على الإنتاجات الثقافية بصفة عامة والإنتاجات الثقافية المغربية بصفة خاصة، وذلك لفائدة دور الفتاة والمكتبات المدرسية في المجال القروي خاصة.