الرئيسية | أقلام حرة | السياسي و الدين

السياسي و الدين

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
السياسي و الدين
 

 

عندما احتل العراق الكويت، و أثناء الهجوم الأمريكي المضاد، ضرب صدام حسين اسرائيل بصواريخ سكود، تعاطف الكثيرون مع الرئيس الراحل و ازدادت شعبيته، رغم أنه احتل دولة شقيقة، وفي سنوات الحصار الأمريكي الجائر على العراق، أسس الرئيس صدام جيش القدس و رفع كلمة الله أكبر في علم العراق، كتب القرآن بدمه، صموده الظاهري الأخير ضد الولايات الأمريكية جعله بطلا في عقول و قلوب الكثيرين رغم ديكتاتوريته و ظلمه.....

 

ظل معمر القذافي طيلة حكمه عدوا للصهيونية و الامبريالية الأمريكية،إماما لرؤساء إفريقيا، و هاديا لجموع فقرائهم، صلى بهم صلاة الفاتحة، ببدعة لم يأت بها أحد من قبله، و رغم ديكتاتوريته و جبروته على معارضيه،ورغم ما كانت فيه ليبيا من وضع اقتصادي مهترئ، ورغم أنه سلم السلاح النووي و سلم منفذي عملية لوكربي و قدم تعويضا ماليا كبيرا لضحايا الطائرة المنكوبة، أحب الكثيرون معمر لكلامه و انتقاداته لأمريكا و لإسرائيل و للأنظمة المنبطحة للغرب...

بعد تولي الرئيس أنورالسادات، تسمى باسم محمد ليصبح محمد أنور السادات، ثم لقب بعد ذلك بلقب الرئيس المؤمن، اغتيل السادات في ما يعرف بحادثة المنصة، بعد اتفاق كامب ديفيد الشهير و زيارته للقدس و خطابه أمام البرلمان الإسرائيلي، و بطشه ضد معارضيه من اليسارين و الإسلاميين.

في خطابه الإنقلابي، وقف السيسي معلنا بيانه و على يمينه و يساره شيخ الأزهر و رئيس الكنيسة المصرية و ممثلين عن حزب النور السلفي علاوة على باقي ممثلي الأحزاب و الحركات الداعمة للإنقلاب، قام السيسي بزيارة لموسكو و استضاف الرئيس الروسي، تحدث إعلامه عن مخطط إخواني أمريكي إسرائلي قطري لضرب مصر، شبهوه بجمال عبد الناصر، التف القوميون حوله، ظل السيسي في نظر هؤلاء طيلة المرحلة الانتقالية التي أعقبت الانقلاب و حتى إعتراف الغرب به، بطلا ناصريا سيعيد مصر إلى سابق عهدها، اليوم تعيش مصر على وقع الموت و الإعدامات المجانية...

الشاهد من الأمثلة السابقة، ومع الضجة التي يثيرها فيلم لا أخلاقي مغربي و مشاركة وفد صهيوني في ألعاب الجيدو بالمغرب، تتعالى أصوات المعارضة و سياسيين وجمعويين رافضة و مستغلة لمثل هذه المناسبات للهجوم على الحكومة و كسب مزيد من النقاط لدى الشارع المغربي، ففي سؤال تقدم به الفريق الاستقلالي إلى مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، حول فيلم “الزين اللي فيك”، أكد فيه الاستقلاليون أنهم “تابعوا بقلق كبير تداعيات عرض لقطات مستفزة جدا”، من الفيلم المذكور، والذي “أثار موجة استياء عارمة وسط الرأي العام الوطني باعتباره يشكل تحديا سافرا لقيم المجتمع المغربي وأخلاقه...”، حسب ما جاء في نص السؤال، ومن المفترض أن تنظم شبيبة الحزب وقفة احتجاجية أمام البرلمان. 

وسط ضجيج المعارضة، تصمت الحكومة و يصمت حزب العدالة و التنمية، رغم أن مثل هذه الأحداث كانت لا تمر دون أن يستغلها سياسيوا و منتسبوا العدالة و التنمية باسم حراسة الدين و الهوية و الأخلاق و رفض التطبيع...

بعد هذا السرد الممل، و مرورا بما تشهده الساحة المغربية من تفاعل مع حادثتي الفيلم و المشاركة الصهيوينة، ولفهم بعض من أسباب تحرك المعارضة اليوم و تحرك الأغلبية الأمس باسم الدين و الأخلاق، نقف عند فقرتين من كتاب سكوت هيبارد “السياسة الدينية والدول العلمانية … مصر والهند والولايات المتحدة”، حيث يرجع أسباب تأثير الدين في السياسة إلى أمور منها أن الدين يشكل جزءا مهما من تكوين الهوية الجماعية فهو يمنح قاعدة مهمة للتضامن الاجتماعي و بالتالي فهو قادر على الحشد السياسي، كما أن الدين يوفر إطار عمل معنويا لتفسير السياسة الحديثة و التعبيرعن الغرض الجماعي-1-، وبالتالي فهو قادر على نحو فريد على إيجاد اعتماد أخلاقي للإجراء السياسي-2-. مما يجعل المسؤولين السياسيين يتلاعبون عادة بالدين من أجل غايات وأهداف سياسية.

 

1: كتاب “السياسة الدينية والدول العلمانية … مصر والهند والولايات المتحدة” ص 11 لمؤلفه سكوت هيبارد ترجمة الأمير سامح كريم. 

2: كتاب “السياسة الدينية والدول العلمانية … مصر والهند والولايات المتحدة” ص 41 لمؤلفه سكوت هيبارد ترجمة الأمير سامح كريم.

 
مجموع المشاهدات: 3175 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة