الرئيسية | أقلام حرة | روسيا؛ حلم كروي أم حلم نسائي؟

روسيا؛ حلم كروي أم حلم نسائي؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
روسيا؛ حلم كروي أم حلم نسائي؟
 

 

سنتناول في هذه الورقة المتواضعة تحديدا حدثا بات يشغل اللحظة كل كبير وصغير، أعزب ومتزوج، إن لم نقل الرأي العام، وهذه الورقة لا تأتي من عبث وإنما من ملاحظة بسيطة ذات الحس السوسيولوجي على صفحات التواصل الاجتماعي فيسبوك، وذلك مباشرة بعد أن أحرز المنتخب الوطني المغربي تذكرة التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2018 بروسيا، انطلقت الحكاية التي تروي قصة واقع الحياة النفسية لشريحة اجتماعية معينة، وهذا ما يهمنا نحن في هذا الباب وهو العلاقة مع السؤال أعلاه،  الذي اخترناه كعنوان عريض لهاته الورقة " روسيا؛ حلم كروي أم حلم نسائي؟.

سؤال لم ينبثق من فراغ وإنما تولد اللحظة التي انقلبت فيها أحلام بعض المغاربة وشغلت الرأي العام كل كبير وصغير، إلى حد هناك من قال؛" دابا الروسيات غادين يخليو الروس ويتزوجو المغاربة؟!"، وفي ذات السياق، كتب آخر؛" بعد تأهل المنتخب الوطني المغربي إلى مونديال روسيا 2018، أغلب الذكور تستعد للتوجه إلى روسيا، أما الإناث، فيتمنون للمنتخب الوطني المغربي التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2022 بقطر!!!.

وفقا لهذه المواقف المتضاربة ارتأينا أن نعمق النقاش في هذا الباب وذلك بطرح التساؤلات التالية التي تعتبر الحجر الأساس لورقتنا؛  هل مرد هذا التناقض إلى سياسة التعليم وتخلف الذهنية؟ أم أنه ناتج عن النظرة التقزيمية للمرأة الممتحة من الثقافة أساسا؟ هل حلم الإنسان المغربي يتوقف عند رؤيته لنساء روسيا؟ أم الأمر يتجاوز ذلك إلى حد نكران الهوية الذاتية والبحث عن غيرية جديدة وتحسين ظروف عيشهم المادية؟.

للإجابة عن هذه الأسئلة، لن نخرج تماما عن سياق طرحها،  وهو أنه لاشك في أن تفشي الأمية في البلدان السائرة في طريق النمو مسؤول بالدرجة الأولى عن استمرار الذهنية غير العلمية التي تسيطر عليها الخرافة، ولا شك أن تطور الذهنية يسير بشكل عام مع ارتقاء المستوى التعليمي في المجتمع على تعبير مصطفى حجازي، وبالتالي على الرغم من وصول المغرب الى ماوصل إليه من مستوى تعليمي، إلا أن هناك شعور بأن الخرافة والتقليد مازالا يعششان في أعماق نفسية فئة كثيرة لدى الإنسان المغربي على وجه الخصوص، وما قام بعض الزملاء على صفحاتهم الخاص ما هو إلا تكريس لهاته العقلية، من خلال ترجمتهم لعبارات إلى اللغة الروسية من قبيل؛" المرأة،  النساء، الزعرة،  الشقراء..الخ."، هذه الملاحظات لنا نوعا من الازدواجية في شخصية الإنسان المتخلف على وجه الخصوص،  بين دور التعليم ودور الإنسان الممارس حياتيا، ففي الحياة اليومية نرى التقليد وانتشار الخرافات والنظرة المتخلفة إلى الوجود بما فيها (النظرة الناقصة للمرأة كناقصة عقل ودين، أو" وا المغربيات .. وبقيتو بيرات".

تسلط فاطمة المرنيسي الضوء على هذا التناقض في كتابها "السلطانات المنسيات" قدرة المرأة على الفكر وتسيير الشأن السياسي والاجتماعي، وأن صناعة القرار ليس حكرا على الرجل كما ادعى الفقهاء تقول المرنيسي، وتأكيدا لهذا القول، نستحضر على سبيل المثال لا الحصر رئيسة الوزراء الألمانية ميركل انجيلا،  على الرغم من أن عالم الحريم كان على الدوام زاخرا بكل مقومات الإغراء والتأثير والإثارة، إلا أنه شكل استثناء خاصا في أواسط الشباب المغربي العزب والمتزوجون لدى فئة كبيرة، ويمكن إلى حد ما اعتبار هذا الحدث ظاهرة اجتماعية  على حد خصوصيتها التي حددها ايميل دوركايم، في  مؤلفه "قواعد المنهج في علم الاجتماع"، كونها خارج وعي الأفراد وتمارس نوعا من القهر عليهم،  ثم انها تمتاز بشقين اساسين، شق ظاهر وشق خفي،  وهذا الأخير هو الذي حاولنا التنقيب عليه في هاته الورقة المتواضعة، ومن تمة أصبح لكرة القدم بعدا سياسيا تجسد في كونها أصبحت وسيلة لكشف هويات جديدة، هويات عابرة للقارات، تمتاز بنوع من الغيرية، ومن المحتمل أن تساهم في بروز نزعات تفردية جديدة.

على سبيل الختم،  إن موقف الإنسان المقهور من الوجود، فهو يعيش حالة عجز إزاء قوى الطبيعة وغوائلها على حد قول حجازي، مصيره معرض لأحداث وتغيرات يطغى عليها طابع الاعتباط أحيانا أخرى،  يعيش في حالة تهديد دائم لأمنه وصحته، وبالتالي فهو معظم الأحيان يجد نفسه في وضعية المغلوب عليه،  خوفا من الأنا الأعلى بلغة فرويد، وفي هذه الحالة يسقط العار أساسا على المرأة،  المرأة العورة، أي موطن الضعف والعين، بسبب هذا الإسقاط، يربط شرفه كله وكرامته كلها بأمر جنسي، أو بنوع من النوع الاجتماعي له مبرره المحض من الناحية البيولوجية

الله من وراء القصد وهو يهدي السبيل. 

مجموع المشاهدات: 1472 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة