الرئيسية | أقلام حرة | المدرسة المغربية: الوضع الراهن والنموذج الناجح

المدرسة المغربية: الوضع الراهن والنموذج الناجح

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
المدرسة المغربية: الوضع الراهن والنموذج الناجح
 

 

سال مداد كثير حول موضوع المدرسة المغربية، فرضه وضعيتها الحالية، فوضعها في قلب الاهتمام، حيث تفرعت عنه دراسات مهمة، بل أفرزت بدورها جدلا عميقا في أكثر من واجهة، وفتح نقاش واسع، بلور أكثر من رؤية، بعضها شمولي، والبعض الآخر فرعي، منها ما قاربت التفسير والإحاطة بجوانب المسألة، ومنها ما زاغ عن مساره، حيث تركزت النقاشات، أحيانا، حول اتجاه بعينه دون آخر، و في كثير من الأحيان تم تغليب الهامشي والثانوي على الجوهري والأساسي، لكن يجب الاعتراف، ولو بالقسط اليسير، بأن الإجماع قد حصل حول وجود خلل، أو إشكالية تتطلب حلولا على أكثر من صعيد، مردها بالأساس إلى الحالة التي أصبحت تعيشها المدرسة المغربية، باعتراف أغلب الأبحاث التي أشارت، بصراحة، إلى وجود أزمة حقيقية، لا خلاف بشأنها، لكن الخلاف الدائر غالبا ما يكون خلاف الأسباب والدواعي .

يتفق الجميع أن الفضاء المدرسي يختلف عن باقي الفضاءات ذات الطابع البشري، بل أكثر من ذلك، يعد مؤسسة إنتاج الطاقات البشرية كرأسمال أساسي يتحكم في صنعه بعدان متلازمان: التربوي، والتعليمي .

يمثل الجانب التربوي هيكل العملية كلها، وبيت القصيد، بل يندرج ضمن المنظومة الشمولية للقيم، وهو نواة صلبة تسلط الضوء على البعد النفسي ، الحسي والحركي للمتمدرس، وقناة هامة لصنع مجتمع صالح يضمن استمرارية الأخلاق والتأثير في الفرد في علاقة شبيهة بسلسلة مستمرة ومتواصلة، وفي نفس الأن لولبية دائرية، أو ديالكتيكية جدلية .

أما الشق التعليمي فيقصد به الجانب التلقيني للمعارف والمهارات، توجيه السلوك وتصويبه نحو الأحسن والأجود، وتحقيق الكفايات الأساس، بدفع المتعلم إلى معرفة الكيف، أو معرفة كيفية استثمار قدراته، لأجل تسهيل اندماجه في سوق الشغل في عصر بات من اللازم استحضار الأدوار الحاسمة والملحة للفرد، كمركز اهتمام، وكمادة خام قابلة لإحداث قفزة نوعية في مجال الاقتصاد، بالإضافة إلى تصحيح تمثلاته، توظيفها توظيفا إيجابيا، واستبدالها بما يجب أن يكون في إطار المثل الأعلى الذي بلورته المعرفة السائدة، والنموذج الذي صنعه المجتمع، باعتباره مؤسسة الاندماج، بل هو نمط يجسده ويزكيه الكيان المجتمعي عبر ممارسات أفراده، و من خلال علاقاتهم السسيومترية الدينامية، فلا محيد عن النموذج المعرفي، وكذا القيمي الأخلاقي، الذي يشترك في صناعته كل من المدرسة و المجتمع .

يرتكز النموذج الناجح للمدرسة المغربية على جعل التوأم المتلازم، التعليمي، التربوي، يسير في خط التوازي، حيث لا يمكن فصل هذا عن ذاك، وأي اختلال لأحدهما قد ينعكس على الآخر، فقد تأكد، بالملموس، من خلال مسيرة راكمت تجارب ليست بالهينة، هذه التجارب التي لم يتم بعد الاستفادة منها وتوظيفها في صناعة النموذج الصحيح والأمثل للمدرسية المغربية، والذي بات رهانا فرض نفسه، ومطلبا يطفو على السطح في كل الأوقات، وموضوعا ما فتئ يثار في كل المناسبات، حتى بات ضرورة وطنية تلقت اهتماما بارزا وملحوظا من كل أطراف العملية المدرسية .

إن القطاع المدرسي يختلف عن باقي القطاعات، باعتباره صانعا للأجيال، ومحركا ديناميا للعملية البيداغوجية وللديداكتيكا أيضا، فالضرورة، بالكاد، تفرض وقفة حقيقية مع الذات، قصد تقييم الوضعية وتقويمها باستمرار، كما تحتم تشخيصها بدقة، بإشراك المدرس الذي يعد العنصر الأساسي في المعادلة كلها، من منطلق اعتماد الانسجام التام نظري تطبيقي، كضمان للنجاعة، واقعا لا مجرد شعار، دون نسيان أهمية التنزيل الجيد للسياسة التعليمية، كجوهر القضية، حيث يفرض تنزيل فلسفة التربية تواصلا من نوع خاص، بين كل أطراف العلاقة التعليمية التربوية، تواصلا دلاليا، وظيفيا ، يمتلك المقومات الحقيقية والأليات الجدية التي انعدمت وحل محلها الجانب الفوقي الجزري، والذي بات يطبع الممارسات الإدارية كلها، بل أصبح الغالب في كل الأوقات، نهيك عن توقف كل ما يمكن من تحسين المردودية ويدفع في اتجاه الجودة، من تكوينات معرفية تكميلية، وتحيين المعارف المهنية والمنهجية، كقيمة مضافة، من هنا يبدأ الورش الحقيقي الذي ينسجم ووضوح الرؤيا، ويفرز حكامة جيدة لتدبير الأزمة، فالمقاربة العلمية الموضوعية للإصلاح لابد أن تهتم بتجميع الدراسات والبحوث الميدانية الجدية، ولن تكون، بأي حال من الأحوال، نتاج سرعة إصدار القرارات الإدارية المجحفة، وتغيير النصوص والمذكرات التي تستهدف، بالدرجة الأولى، الأسرة التعليمية في إشارة صريحة على تحميلها مسؤولية الإخفاق .

مجموع المشاهدات: 1505 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة