الرئيسية | أقلام حرة | جماعة العدل والإحسان وذريعة الاعتكاف

جماعة العدل والإحسان وذريعة الاعتكاف

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
جماعة العدل والإحسان وذريعة الاعتكاف
 

من بين أهم الأركان التي بنت جماعة العدل والإحسان عليه أساطيرها الفكرية والسياسية محاولة ترويجه فكرة أن النظام المغربي لا يطيق الدين، وأنه يحارب التدين والمتدينين ويُضَيِّق عليهم، إلى درجة أنه يمنع أتباعهم من الاعتكاف في المساجد في العشر الأواخر من رمضان، حسب زعمهم.

إن أسطورة محاربة النظام المغربي لِلدِّين لا تستقيم في بلد يحكمه أمير المؤمنين وبه جامعة القرويين، كما أنها لا تصمد أمام ريادة المغرب في المجال الديني على المستوى العالمي؛ فكونُه البلد الأول عالميا من حيث عدد حفظة القرآن الذي يتجاوز المليون قارئ، وكونه يحصد أغلب جوائز المسابقات العالمية في الحفظ والترتيل على مدار عقود من الزمن، وكونه يتوفر على ألمع الفقهاء والعلماء وأعتى المؤسسات الشرعية التي تنشر الفهم الصحيح للكتاب والسنة، حتى أنه خص قناة تلفزيونية تستقبل فطاحل العلماء وجهابذة الفقهاء، لتنقية الدين مما قد يعلق به من انتحال المبطلين وتأويل المحتالين؛ كلها أمور تشير إلى أن النظام المغربي لا يعادي المتدينين؛ بل يعادي الجهلة الخارجين عن القانون، متدينين كانوا أو غير متدينين.

لو كان عُشر ما يُرَوِّج له قياديو جماعة العدل والإحسان صحيحا حول علاقة الدولة بالدين، لما تمكن فصيل محسوب على الدين والمتدينين من التربع على عرش الحكومة يوما واحدا، فبالأحرى أن يتربع عليه عشر سنوات بالتمام والكمال، ولما تمكن من ولوج مؤسسة البرلمان عشرات الأشخاص من "أصحاب اللحى"، والذين ينهلون من ذات المعين الذي تنهل منه جماعة العدل والإحسان مع بعض الفوارق في الفهم والتطبيق.

كيفما كان مستوى الطالب المبتدئ في علم الشريعة إلا ويعلم يقينا بأنه إذا كان الاعتكاف سنة فإن طاعة أولي الأمر فريضة؛ بل ومن أجَلِّ الفرائض وأعظمها، ويعلم أيضا أن الله تعالى قال في الحديث القدسي الذي رواه البخاري: "ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضتُ عليه"؛ لذا، كان من البديهي أن تعلم جماعة العدل والإحسان أن طاعة السلطة المحلية، التي هي فرع من فروع طاعة أولي الأمر، يقربها إلى الله تعالى أكثر مما يفعله الاعتكاف نفسه.

صحيح أن المساجد لله؛ لكن هذا لا يعني أن لا قوانين تحكمها، ولا ضوابط تنظم أعمالها وتسهر على حسن اشتغالها؛ فتخصيص السلطة المحلية لبعض المساجد من أجل الاعتكاف دون غيرها، هو قرار تنظيمي محض بعيد كل البعد عن المزايدات الفارغة، والتأويلات الجاهزة، والافتراءات المغرضة؛ كما أنه قرار من اختصاص هذه السلطات حصريا؛ ليتبين بذلك أن ما تجتره الجماعة في الموضوع كل عام؛ إنما هو جعجعة بلا طحين، وأن ما تروجه من مغالطات وإشاعات؛ إنما هو محاولات بائسة لإثارة البلبلة وخلق الحدث لعل ذلك يرجعها للواجهة من جديد.

خلاصة الأمر أن الاعتكاف عند جماعة العدل والإحسان إنما هو "حقٌّ أريد به باطل"؛ فلو أن الجماعة كانت صادقة في دعوى الاعتكاف، لاعتكف أعضاؤُها مع عامة المغاربة في المساجد التي خُصِّصت لهذا الغرض؛ ولكنها، للأسف الشديد، ترى هؤلاء المغاربة من الصنف المتدين الرديء الذي لا يجوز لأعضائها "الطاهرين" الاختلاط به؛ ليتضح جليا أن هذه الجماعة المارقة إنما تقتات على ما شذ من المواقف والسلوكيات، وأنها تلعب على وتر المظلومية الذي عفا عنه الزمن، وأنها ترتدي لباس الحمل الوديع لتصور الآخر على أنه شيطان رجيم.

 

مجموع المشاهدات: 1203 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة