الرئيسية | أقلام حرة | مسلخ افتراضي يليق بأمة مسلمة

مسلخ افتراضي يليق بأمة مسلمة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
مسلخ افتراضي يليق بأمة مسلمة
 

كلما اقتربنا من موعد عيد النحر إلا وتحبل بيئتنا ؛ حضرية كانت أم قروية ؛ بظواهر بشعة في صورها ومراميها ؛ تأخذ في التكاثر حتى تغزو بالتقريب كل حي وحارة ومنزل وزقاق ، كلها تشي للعابر ؛ حتى ولو كان من أبناء عيسى أو موسى "عليهما السلام" بأن الموسم عيد ، وأن كل هذه المفروشات التي تضيق بها الشوارع والطرقات هي في خدمة "الحولي" ، من توابل وفحم وسكاكين وبرسيم وبخور وأواني وسفافيد ... وترتدي دور الأبناك ؛ هي الأخرى ؛ حلة قشيبة ؛ هي من الإغراء والترحيب ؛ تقبل بدفع السلفات مقابل الإمساك بصاحبها رهينة الاختناق والضيق إلى أجل مسمى ، أما المواطنون ؛ خلال هذا الموسم ؛ فتلك هي قصة أخرى ؛ معظمهم تمتلكه حالة هستيرية فوق العادة ، صخب وضجيح تساهم فيه الهواتف الذكية والبليدة ، لا تخرج كلماتها المتداولة عن نطاق" كيف داير السوق... الحولي غالي.. تمن البرطما!" .

  وإذا سنحت الفرصة للقيام بجولة داخل هذه الفسيفساء الكبشية ، سنلفي أنفسنا لا محالة أمام عملة"صعبة" هي السائدة في التداول؛ يقضي شعارها ب"الله يجعل الغفلة بين البايع والشاري" ، وقد يعدو ضربا من المحال ؛ في خضم البحث عن الكبش وتابعاته" العثور على "لجنة أو هيئة" لمراقبة المواد والأسعار.

    ليلة العيد

هي محطة جد متقدمة ؛ تسيء في معظمها وبدرجة غير مسبوقة ؛ إلى البيئة المحيطة وتحول أجواءها وأرجاءها إلى صدى بعبعة الأكباش والخراف والماعز ، وأحيانا تختلط بخوار العجول ، وقلما تغفو عين إنسان وسطها ، أما إذا حل الصباح الموعود ، وعقب صلاة العيد ، تجرد السكاكين والسواطير من أغمادها ، ويحج الناس إلى السطوح للوقوف على عمليات النحر بأساليب تقليدية باستهلاك مقادير مائية تنيف عن مائتين وخمسين مليون لتر مكعب في مجموع التراب الوطني ، ناهيك عن تداعياتها البيئية ، من اختناق قنوات صرف المياه ، وتحويل الشوارع إلى مطارح للنفايات ، وتلويث الأجواء العامة.

   مسلخ افتراضي يفرض نفسه

بعض الدول الإسلامية ؛ وعلى قلتها ؛ قطعت نهائيا مع المسالخ التقليدية التي كانت تحتضنها في العادة المرافق السكنية ، وأنشأت بديلا لها مسالخ نموذجية ، على مستوى كل مقاطعة سكنية ؛ مزودة بأحدث أجهزة الذبح والسلخ ، مع تواجد فريق من البياطرة ، وبمرفق خاص برؤوس الأغنام قصد الاقتناء ، إلى جانب حضور "إمام" يتولى قراءة التكبيرة ، ولا يسمح بنقل الذبائح إلى مقرات أصحابها إلا بعد توقيع عقد مشروط بعدة وصايا ؛ من بينها عدم الإساءة إلى البيئة العامة والجيرة والالتزام بشروط النظافة ، ونبذ كل أشكال هرس اللحوم ليلا ، وأن خرق بنود هذا العقد يعرض صاحبه إلى غرامة مالية تمتد إلى ألف وخمسمائة درهما. هذه البنود تعرض في يافطة تتصدر مدخل المسالخ ، يمكن أن تنضاف إليها "شرعا ؛ لا تكلف نفسك ، ولا تؤذ جارك ، وتصدق من أضحيتك..."

 مسلخة ؛ على هذا الطراز وبهذه المواصفات ؛ خليقة بأن تنأى عن قضايا بيئية عديدة وتقطع مع أساليب بالية ؛ تمس بجوهر الإسلام وسننه وتعاليمه.

 

 

 

 

 

 

مجموع المشاهدات: 4865 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة