الرئيسية | أقلام حرة | اللهم جنبنا ما فعله السفهاء بمصر

اللهم جنبنا ما فعله السفهاء بمصر

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
اللهم جنبنا ما فعله السفهاء بمصر
 

 

ي مصر،بدأت حرب ضروس ضد تنظيم الدولة في سيناء، وبدأت منظومة الاستبداد في إشعال النار في ملابس المحروسة.

وأنا أتابع تطورات الوضع المصري، من اغتيال النائب العام هشام بركات إلى هجمات تنظيم الدولة على الجيش والشرطة في سيناء إلى قتل مجموعة من قياديي الإخوان المسلمين بغرب القاهرة ثم  بيان القوات المسلحة المصرية بهذا الخصوص، تحدث هذا البيان عن أن مصر تواجه حربا شرسة ضد الإرهاب وأن قوات مصر لن تهنأ حتى تقضي على كامل البؤر الإرهابية، كانت نغمة البيان مسوق بحسبان، ويشبه بيانات حرب أكتوبر. تذكرت ما قاله المفكر عزمي بشارة حين قال: إن الانقلاب العسكري في مصر قاد إلى ثورة مضادة، والأخيرة تقود إلى الفاشية كنظام وكثقافة سياسية بتسارعٍ يدهش حتى من اعترض على هذه المقولة سابقا، إلى درجة أنه لا يتسع له الوقت ليراجع نفسه.وأضيف أن الانقلاب يقود البلاد لحرب لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر، يأخذ من معارضيه الحياة والمال والوطن والحرية عن طريق استثمار وسائل القوة والجبر من قتل وقهر ونفي وتخويف وسجن، فماذا بقي للمعارضين ليواجهوا الغطرسة؟

أخرجوا أجمل ما فيهم من تعبيرات حضارية، لكنهم قوبلوا بأبشع صور الاستبداد،صور تقود الناس إلى الخوف مما يدفعهم إلى التعلق بالحياة لا أن يموتوا.وقد بحث الفيلسوف هوبز  طويلا عن أعظم دوافع الحياة، ليصل إلى هذا الشيء الذي يعرفه الطغاة جيدا: إما الحياة أو التمويت المادي والمعنوي بشكل ثنائي لا خيار ثالث لهما.ويتم هذا باستعمال قوى التدمير التي تكرس طاقاتها لهذا الفعل الشنيع، طاقات لا تختلف في تحولها وارتدادها مع ما يحدث للطاقات الطبيعية المعروفة.

 تتحول الطاقة الكهربائية القاتلة عند التماس إلى طاقة حرارية تستعمل لطهي الخبز وتسخين الماء وتتحول إلى طاقة ميكانيكية تدير المطاحن كما تتحول إلى ضوء ينير الظلمات. فكذلك يحدث مع بني البشر،فمن طاقة قوى الشر في حق المستضعفين تتولد أفكار الخير، أفكار تنبت وتترعرع وتأتي أكلها بعد حين.

تقول إحدى القصص أنه كان هناك طفل يصعب إرضاؤه , أعطاه والده كيسا مليئا بالمسامير وقال له : قم بطرق مسمار واحد في سور الحديقة في كل مرة تفقد فيها أعصابك أو تختلف مع أي شخص 

في اليوم الأول قام الولد بطرق مائة مسمارا في سور الحديقة , 

وفي الأسبوع التالي تعلم الولد كيف يتحكم في نفسه وكان عدد المسامير التي توضع يوميا ينخفض, 

الولد أكتشف أنه تعلم بسهوله كيف يتحكم في نفسه ,أسهل من الطرق على سور الحديقة 

في النهاية أتى اليوم الذي لم يطرق فيه الولد أي مسمار في سور الحديقة 

عندها ذهب ليخبر والده أنه لم يعد بحاجة إلى أن يطرق أي مسمار 

قال له والده: الآن قم بخلع مسمارا واحدا عن كل يوم يمر بك دون أن تفقد أعصابك 

مرت عدة أيام وأخيرا تمكن الولد من إبلاغ والده أنه قد قام بخلع كل المسامير من السور 

قام الوالد بأخذ ابنه إلى السور وقال له بني قد أحسنت التصرف، ولكن انظر إلى هذه الثقوب التي تركتها في السور لن تعود أبدا كما كانت 

عندما تحدث بينك وبين الآخرين مشادة أو اختلاف وتخرج منك بعض الكلمات السيئة،أو عنفا فأنت تتركهم بجرح في أعماقهم كتلك الثقوب التي تراها. 

أنت تستطيع أن تطعن الشخص ثم تخرج السكين من جوفه، لكن تكون قد تركت أثرا لجرح غائر، لهذا لا يهم كم من المرات قد تأسفت له لأن الجرح لا زال موجودا.

وما ينطبق على الولد ينطبق على الدولة التي تحتكر القوة وتقوم بتوزيعه على مواطنيها المطالبين بالحرية والكرامة والعدالة الإنسانية، بذلك تدق مسامير الحقد والكراهية،  مسامير وإن زالت مع تغير الظروف فإن خدوشها تظل عقودا طويلة، في زمن صار للعنف مشرعين له باسم الدين، وقد البسوه عمامة التقوى، حتى يمارسه الفاعلون في حق المفعول بهم بدم بارد وبراحة الضمير،لقد قتلوا ولن يندموا عوض أن يقتلوا ويندموا.   

لا بدّ أنّ هذه السياسة التي دفعت الحكومة المصرية إلى إعلانها جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية،وربما ستتوجها عما قريب بإعدام الرئيس الشرعي محمد مرسي وباقي قياديي الجماعة، تضع حدًّا لكلّ المساعي الجارية في دوائر الثقافة العربيّة، منذ أكثر من عقدين من الزمن من أجل تحقيق المصالحة بين التيّارين الإسلامي والعلمانيّ. والأخطر من ذلك، أنّ ذهاب النظام المصريّ الاستبدادي إلى دفع الأمور بهذا الاتّجاه، سوف يدفع البعض إلى الخوف والانكفاء، وسوف يدفع آخرين إلى التظاهر السلمي.لكنّه سوف يدفع أيضًا من دون شكّ بالكثير من الإسلاميين المصريّين إلى العودة للعمل السرّي. وقد يدفع بعضهم إلى التطرّف واستخدام العنف، بعد أن حُرموا من ممارسة حقّهم في التعبير عن النفس بوسائلَ سلميّة، ما دام ثمن العمل السلمي قد أصبح القتل أو السجن لسنوات طويلة؛ فالدولة التي تعامل جزءًا من شعبها بوصفهم إرهابيّين، إنّما تدفعهم إلى أن يكونوا كذلك بالفعل .

ففي حين يتقاتل طرفا الصراع  في مصر بالبندقية والتفجيرات،ترتد موجاتها على المغرب أقل سخونة لكنها كلعبة إحماء بين المتطرفين العلمانيين والإسلاميين، وهذا ما حصل مؤخرا.

 إن اللباس خطاب ولغة، وتصفيفات الشعر خطاب ولغة، يخاطب بها الشخص من حوله، ومن خلالها يعبر عن ماهيته وعن أفكاره، فهل يستطيع أحدنا أن يتكلم مع الآخرين بما لا يليق أو بما يسئ لأسلوب الحوار؟.أكيد هناك اختيار في المعاجم والمصطلحات، ولا يمكن أن يتحجج بالحرية الشخصية في الكلام، فكيف لمناضلي الصور أن يصطادوا القضايا ليناضلوا من أجلها، ويشرعوا باسم المقاربة الحقوقية وباسم الحرية ليرهنوا مصير بلدهم لدى دول ومنظمات تساندهم وتشترط دعم قضايا وطنهم بحجة حقوق الإنسان والحرية. إن هؤلاء جزء من التنظيم الدولي المتطرف للفجور (فاحش ).إن بناء الأوطان لا يبدأ من الكباريهات والنوادي الليلية،فارحموا هذا الوطن ودعوه يظل استثناء في بحر عربي لجي تتلاطم  أمواجه،وتعاونوا جميعا في ظل القيادة الحكيمة لملك البلاد.

لقد كانوا يقولون لماذا تقدم الغرب وتخلف العرب(الكوكبي،مالك بني نبي)،وبعد زمان قالوا لماذا تتقدم النمور الأسيوية ولا يتقدم العرب مع فارق الإمكانيات المادية،وفي هذا الزمان يقولون لماذا تتوحد وتتقدم أمريكا اللاتينية ويتفرق ويتشتت العرب، وأخشى أن يأتي زمان  يقولون لماذا تقدمت أفريقيا ولم يتقدم العرب.

مجموع المشاهدات: 1945 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة