الرئيسية | قضايا المجتمع | مغاربة بروكسل ...3 مفاجآت بانتظارك !

مغاربة بروكسل ...3 مفاجآت بانتظارك !

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
مغاربة بروكسل ...3 مفاجآت بانتظارك !
 

أخبارنا المغربية

بروكسل : محمد بركة*   


         أعرف الآن لمَ يدعونها المدينة الرمادية .
فإذا كانت باريس هي مدينة النور ،و لندن هي مدينة الضباب ، فإن السيدة بروكسل   لا تحيا سوى بالطقس الرمادي و البنايات الرمادية و البشر الرماديين . ساعد في ذلك هذا المزاج الفرنسي الفاتر لسكانها الذين ينتمون لثقافة فرانكفونية . و إذا كنت قادما مثلى من القاهرة  المنذورة للصخب العاتي و القيظ الشديد و النبض الهادر لحركة ملايين البشر عبر دروبها  و أزقتها ، فيمكنك أن تتوقع عمق الصدمة التي ستجد نفسك فيها و قد حططت رحالك أخيرا في العاصمة البلجيكية كاتبا  يخبئ بقلبه  خيبات أمله في ربيع  عربي لم يكتمل و مراسلا صحفيا معتمدا لدى الاتحاد الأوربي  و حلف الناتو . 
       مهلا ..مهلا ...ما هذه البشارة السعيدة ؟ فتيات  في حجابهن المحتشم الأنيق و سيدات يشبههن أمهاتنا بمصر يقابلنك في المترو و الباص و الترام ، و لهجة محببة عذبة تنساب رغم صعوبتها من أفواه رجال و شباب يحملون الملامح المميزة لشمال أفريقيا . تسأل و تبحث و تتأمل طويلا إلى أن توقن أن المزاج الفرنسي البارد للمدينة ما هو إلا  أحد وجهي العملة ، بينما الوجه الآخر هو حضور قوي كما و كيفا للأشقاء المغاربة يصنع هنا سدا منيعا يحول بين بقية العرب و المسلمين و بين هذا الإحساس المرير بالغربة ، لا سيما لمن هبط هنا أعزب و حيدا بلا زوجة أو عائلة أو أصدقاء كما هو الأمر في حالة العبد لله .
     سمعت كثيرا عن المغرب معشوقة المصريين الذين يعودون منها في كل مرة بقسط وافر من حكايات الغرام لشعب متحضر ، خلوق ، متدين يذوب حبا في مصر و أهلها . أحد أصدقائي المصريين ، أيمن عبد العزيز ،  له مؤلف كامل هو " المغرب في عيون مصرية – أسطورة المكان و النساء و التاريخ "  بينما أصدقاء آخرون لا يتوانون عن الهتاف بوله : الله ! كلما ذكر اسم المغرب أمامهم ، و على الفور تتدفق من أفواههم حكايات الإعجاب بالبشر و الطبيعة و الحضارة . الآن أستطيع أن ألمس بنفسي بعضا من أسرار هذا الإعجاب العميق بالشخصية المغربية : الأسلوب المتحضر في التعامل ، الصوت الخفيض الذي ينم عن شخصية هادئة واثقة من نفسها ، النزاهة في التعاملات المالية و التجارية فضلا عن الأمانة بأمور البيع و الشراء .
     المغرب التي لم أزرها ها هو قبس منها إذن أستطيع أن المسه هنا في بلجيكا و أطفو على أمواج مفاجآته السارة . محلات البقالة  المغربية  المنتشرة  بوفرة في معظم المناطق مثل أندرلخت و أخواتها  لا تجعلك تشعر بأنك تركت بلدك العربي الذي جئت منه ، لا سيما مصر . نفس الخضروات و الفواكه و الأطعمة ها هى أمامك مع إضافات شيقة من المطبخ المغربي العريق و الرائع أنها متاحة بأسعار خارج المنافسة مع نظيرتها البلجيكية . الحلال الذي تدعو الله أن يجعلك من أهله متوفر بغزارة في اللحوم و الدجاج و على نحو يجعلك تتذوق الطعم الشهي بأرخص الأسعار و دون أي عناء في البحث أو التنقيب .
      تذهب إلى المسجد فتشعر أنك لا تزال بالقاهرة ذات الألف مئذنة أو فاس التي لم تذرها لكن فكرتك عنها ترتبط بأجواء روحانية عتيقة . إن الأشقاء الذين منحوك أجواء ألفة هائلة عبر الأسواق و الشوارع و منتديات الثقافة و تجمعات العمل المدني  و خففوا غلواء اغترابك أو منفاك الاختياري ، ها هم يعمرون بيوت الله بكثافة لا تجعلك  تكاد تجد موطئ قدم  في صلاة التراويح أثناء شهر رمضان . السؤال الآن : هل انتهت مفاجآت مغاربة بروكسل ؟ لا ...بل إنها قد بدأت و لكن تلك قصة أخرى !

*محمد بركة
- المراسل المعتمد لصحيفة "الأهرام" لدى الاتحاد الأوربي و حلف الناتو
- عضو اتحاد الكتاب المصريين
- كتب مقالات أسبوعية بأبرز الصحف و المواقع المصرية لا سيما  الأهرام   اليوم السابع  و  بوابة الأهرام


مجموع المشاهدات: 28202 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (2 تعليق)

1 | Bxl
5 علي عينيك.
الحمد لله أمنبعد أش من المفاجآت لا علاقة بالموضوع.أمولفين الحمد لله.
مقبول مرفوض
1
2017/01/01 - 04:51
2 | محمد أستاذ مساعد
شكرا أستاذنا الفاضل
تحية إليك أستاذنا الفاضل على هذا المقال الرائع من حيث عرضه وجوهره. هل من الإمكان أيها الأستاذ محمد بركة أن ترسل لي بعنوان بريدك الإلكتروني لتواصل معا. أنا أيضا كاتب أسكن في بلجيكا. هنا عنواني [email protected] شكرا لموقع أخبارنا الذي تتصفح مواضيعه الشيقة يوميا.مع كامل الحب
مقبول مرفوض
0
2017/01/01 - 04:56
المجموع: 2 | عرض: 1 - 2

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة