الرئيسية | أقلام حرة | نحن قوم نبكي حميرنا

نحن قوم نبكي حميرنا

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
نحن قوم نبكي حميرنا
 

 

أذاعت وكالة رويترز للأنباء العالمية صورة مواطنة مغربية تنحدر من مناطق المغرب العميق، وتحديدا قرية من أطلسنا المنكوب، عجوز تبكي حمارها الذي تركها، بدون سابق إنذار، لقسوة الزمان والمكان حيث الإشفاق والإملاق ينخر أجساد الآنام والأنعام، كل جبل فيه ينبئ عن مآس بصوت صدى الأنين، كل تلّ بالمنطقة يدل على وجود حياة ثائرة على عنف المكان، كل هضبة توحي إلى عوامل تعرية طبيعية وسياسية اختلت فيها المقاييس، لم ترحم صرخات المستضعفين. صورة ألهبت مواقع التواصل الاجتماعي، بتفاعل رواده مع عبرات العجوز، لدرجة أن بعضهم أبدى استعدادا في المساعدة المادية، فيما اقترح آخرون اكتتابا لجبر ضرر العجوز في مصابها الجلل.

من حق العجوز أن تبكي بهيمة عجماء انتدبت نفسها لخدمتها دون مقابل مادي أو استحقاق انتخابي أو مركز نفعي بإحدى المؤسسات التشريعية أو الجماعية، كما تخطط له بعض الكائنات الانتهازية الناطقة، بمجرد بزوغ هلال الموسم الانتخابي الذي يعج بالأماني الخادعة والآمال المعسولة في محاولة لاستقطاب الأصوات ومن ثمة تمديد فترة النهب والفساد. من حقها البكاء لسبب بسيط وهو أنها فقدت الأمل في حياة مرهونة بوجود بهائم وحيوانات تكاد تزهق روح الإنسانية التي جعلها رب العزة عنوانا لخلقه.

غير أن هذا البكاء ينبغي أن ندرجه في سياقه السياسي العام، كون الرواسب الاجتماعية والتراكمات السياسية، ابتدأت و تواصلت ومع سبق إصرار منذ عهد الاستقلال باعتباره مرحلة فاصلة، حيث فشل الحاكمون والنخبة السياسية في تدبير المرحلة واعتمد فيها العقل السياسي الرسمي سياسة بلقنة الأحزاب، ليمتص توهج النضال السياسي الحر ويهيمن على المشهد السياسي العام، والنتيجة كما يعلمها المثقف المغربي؛ إفراز نمط سياسي هش، أجوف لا ينسجم مع أدنى شرط لتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية لشريحة تنتظر الإغاثة ممن يملك زمام أمرها.

لعل الفاعل السياسي المغربي يعي ويدرك هذه الحقائق التاريخية، كما أنه يستوعب خطورة الانتهاز السياسي والاستغلال الاجتماعي المفضي حتما إلى انفجار مجتمعي، تتمخض عنه عاهات نفسية اجتماعية وسياسية من شأنها أن تحدث خللا كبيرا قد يؤثر في توازن المنظومة المجتمعية.

إلى جانب هذه الحقائق والتصورات يتشخص أمامنا في كثير من المرارة والأسى هذا الواقع المظلم الذي يحاصر الإرادات الشعبية بالإحباط والشؤم السياسي وفقدان الثقة في المؤسسات الحزبية، كما يرسخ مبدأ المؤامرة السياسية في حق شعب مستضعف أريد له أن يستجيب طوعا أو كرها لإملاءات سياسوية حزبية جاثمة.

 
مجموع المشاهدات: 2333 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة