الرئيسية | أقلام حرة | معاناة أستاذ حديث التخرج

معاناة أستاذ حديث التخرج

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
معاناة أستاذ حديث التخرج
 

 

في مساء يوم حار من أيام الصيف الجميل أعلنت وزارة التربية الوطنية عن نتائج التعيينات عبر الانترنيت. فكانت مدينة العيون بجنوب المملكة من نصيبي. تلقيت الخبر بسرور كبير ولم يكن النبأ كابوسا مزعجا كما هو الشأن مع من عينوا في مداشر وقرى المغرب "الغير النافع". لكن بالمقابل ضايقني بُعد المسافة الفاصلة بين العاصمة الاقتصادية وحاضرة الجنوب البعيدة والقريبة إلى قلوبنا.

انزعاج ناتج عن تردي الوضعية المادية للأساتذة حديثي التخرج وعن غياب رقم تأجيرٍ "يحمييهم" من مشقة مصاريف النقل والمأوى والمأكل والمشرب في أيامهم الأولى التعيسة. وعوض أن تنتبه الوزارة المعنية إلى ظروفهم تعهدت بتعميق جراح فئة تلملم غمها بكثير من الصبر والتضحية، حين قررت الكف عن صرف منحة الشهر السابع والثامن من سنة التكوين بالمراكز الجهوية ولأول مرة في تاريخ المغرب الحديث ومنذ الاستقلال. منحة تقدر بحوالي 5000 درهم لكل أستاذ المتدرب. وجدير بالذكر أن عدد الأساتذة المتخرجين الجدد يفوق 8000. مضاعفة هذا العدد على 5000 درهم.  أي ما يعادل...درهما!!! أعذروني لا أفقه في الحسابات الرياضية المعقدة فرجال التعليم ونساءه لم يلفوا التوصل بالأجور الضخمة.  لكنها وعلى ما يبدو ميزانية ضخمة ستعفي وزارة الوفا من كلفة الأوراق ومصاريف التصحيح للامتحان الأخير.

وحين يقترب موعد السفر يشرع الأساتذة الجدد في البحث عن من يقرضهم إلى حين التوصل ب "الرابييل". هذا الأخير الذي يطول أمده لشهور وتطول معه المعاناة.  ونستغرب عندما نسمع على لسان مسؤولي التعليم مصطلحات من قبيل ضمان جودة التعلم والمردودية لدى التلميذ. ناسين أو متناسين حالة أستاذ أغرقته مصاريف السكن والأكل والنقل في بحر من الظلمات اللامنتهي والمعاناة اليومية . فكيف إذن لأستاذ يقصد القسم بعقل شارد وجسم نحيف ولباس رث أن يعطي الدرس في جو تطبعه السعادة والاستفادة؟ ناهييك عن المشاكل الإدارية بمؤسسات التعيين. فمنا من درس الأدب الإسباني مثلا وتعب لخمس سنوات من أجل الحصول على شهادة عليا ويرغب في تدريس هذا التخصص الذي أحبه وتعب من أجله. ليفاجئ في أخير المطاف بطلب من مدير المؤسسة بتدريس الإعلاميات. كذ؟؟؟ وهذا ما وقع لأحد الأصدقاء.

ومنهم من كلف بتدريس ثلاث مستويات في آن واحد (أقسام الجدع المشترك والأولى باكالوريا والثانية باكالوريا) علما أنه حديث التخرج ومن البديهي والتربوي ألا يسند إليه جدول حصص يتضمن الأقسام الإشهادية ليس نقصا من قيمته المعرفية. لأن السنة الأولى تعد بمثابة التكوين الحقيقي للأستاذ حيث يستفيد من أخطاءه ويطور تجربته ويستعد لاجتياز امتحان الكفاءة المهنية من أجل الترسيم. وتكليفه بتدريس ثلاث مستويات يعد ضربا من الجنون ومغامرة غير محمودة.

 

هي مشاكل جمة تعيشها أسرة التعليم عموما والأساتذة حديثي التخرج خصوصا. والتعليم هو أساس كل تقدم فبدونه لا يمكن الحديث عن أية تنمية. وتحسين حاله الميئوس رهين بالاهتمام بأطره اجتماعيا وماديا وتربويا.  

مجموع المشاهدات: 1146 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة