الرئيسية | أقلام حرة | ما فائدة التعريب؟

ما فائدة التعريب؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
ما فائدة التعريب؟
 

 

مشكلة اللغة العربية أن أصحابها لا يقومون بأية جهود للارتقاء بها و تأهيلها، لكي تساير تطورات العصر العلمية و التقنية، و لا يترجمون البحوث العلمية إليها كي تتوفر على قاعدة من المراجع العلمية المحترمة.

إنهم بدلا من ذلك يكتفون بالدفاع عنها بالعبارات المنمقة، و الأساليب البلاغية،... و يزعمون فيما يزعمونه أن العربية كانت لغة العلم و العلوم قبل قرون من الان.

و تارة يوزع بعضهم التهم في مواقع التواصل الاجتماعي على من يخالفهم الرأي بأنه يحارب "لغة أهل الجنة"، و بأنه يسعى إلى نشر "الأفكار الغربية" و محاربة "قيم مجتمعم السمحة"، و بأنها مؤامرة صهيونية-غربية-ماسوني ... تقف وراءها "الكائنات الفضائية" بهدف القضاء على اللغة العربية العظيمة.

و تارة يزعمون أن ما يؤرقهم هو الدفاع عن الدستور، الذي ينص على أن العربية و الأمازيغية هما اللغتان الرسميتان للمملكة المغربية.

و صدق أو لا تصدق، إن عملهم هذا ، لا يبتغون عليه جزاء و لا شكورا.

قد تكون العلوم كتبت في مرحلة ما بالعربية و الفارسية، لكن الوضع تبدل ليس الان، بل منذ قرون طويلة، و لا داعي للضحك على أنفسنا بأمجاد وهمية و إعطاء أنفسنا و غيرنا صورة وردية عن الماضي.

لقد تخلى المسلمون عن "العلوم الدنيوية" غير النافعة منذ أمد طويل و انشغلوا ب"العلوم النافعة" مثل علوم نواقض الوضوء و أحكام النكاح....

كان أغلب العلماء الذين أبدعوا في الطب و الرياضيات و الفلك في مرحلة من تاريخنا، من اسيا الوسطى و شمال إفريقيا... و أغلبهم لاحقتهم تهم الإلحاد و الزندقة و الردة، أحرقت كتبهم و لم يصلنا منها إلا القليل.

و من بين الأمثلة على ما تم الترويج له طويلا عن منجزات الأجداد الكبيرة الوهمية أنهم هم الذين اخترعوا الصفر.

لكن بالعودة إلى أبي الريحان البيروني فإنه يذكر لنا أن الخليفة "المأمون" العباسي أرسل سفارة إلى الهند ليحضر كتاب "براهما غوبتا" و أمر به أن يترجم إلى العربية.

و في هذا الكتاب القديم جدا، يشرح الرياضي الهندي "براهما غوبتا" مفهوم الصفر و غيره من المفاهيم الأخرى....

و "براهماغوبتا" هذا هو عالم رياضيات وفلك هندي، يعتبر من أعظم علماء الهند على مر العصور. 

و لكن يبدو أن الدول العربية تكتفي بالعيش على الخطابات و أحلام الماضي و لا تريد أن تنفق شيئا على البحث العلمي.

فبينما تنفق إسرائيل ما مقداره 4.7% من ناتجها القومي الإجمالي على البحث العلمي، تكتفي الدول العربية بإنفاق ما مقداره 0.2%  فقط.

إنه رقم هزيل جدا، و لهذا السبب و غيره من الأسباب يجب تدريس العلوم بالفرنسية، و تشجيع التلاميذ على التفكير النقدي و الابتكار.

فإن من سوء حظ هذه الدول أن يعيش مثقفوها أو من يحسبون منهم على المثقفين، على الأحلام و اجترار أمجاد الماضي و بطولاته الوهمية، و تراهم يحملون سيوفهم الخشبية التي نخرها السوس يقارعون بها كل من يدعو إلى تحريك عجلة التقدم نحو الأمام.

يجب أن نكون صادقين مع أنفسنا و ذواتنا. لم يعد من  الممكن تدريس العلوم الرياضية والفيزيائية والطبيعية بغير اللغات الأجنبية، لأن التعريب لم ينتج إلا أجيالا لا تمتلك التفكير النقدي و لا المؤهلات التي تتطلبها سوق الشغل.

 

و بغض النظر عن كل ما سبق ندعوا السادة المحترمين دعاة التعريب أن يخبرونا أين درسوا و أين يدرس أبناؤهم، كي نتيقن أن عملهم هذا خالص لوجه الله.

 
مجموع المشاهدات: 777 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة