الرئيسية | أقلام حرة | بيغوفيتش والثورات العربية

بيغوفيتش والثورات العربية

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
بيغوفيتش والثورات العربية
 

 


جمال اشطيبة

علي عزت بيغوفيتش، الرئيس والمفكر والمناضل، جمع بين المستحيلات؛ بين الماء والنار، على حد تعبير أحد الشعراء، ربما لا يعرفه الكثير، خصوصا من الشباب الذين يقودون التغيير في هذه المرحلة، لكن ما ضره ألا يعرفوه، وقد كان منذ نعومة أظفاره مناضلا ضد الظلم والتسلط والاستبداد، متطلعا دوما إلى الحرية والعزة والكرامة[1].

في سنة 1969 ألف كتابه البيان الإسلامي، منتقدا أوضاع العالم الإسلامي التي تتسم بالتخلف والأمية، والفقر، والتمزق، والعبودية للمستعمر، وغيرها من الآفات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية التي كانت-ولا تزال- تنخر سفينة المجتمع الإسلامي.

لقد عانى بيغوفيتش-وهو يدافع عن قيام تكتل إسلامي قوي- ممن يعتبرون أنفسهم واقعيين، هؤلاء الذين يرون أن ذلك مجرد أمنية يستحيل تحقيقها، و حلم بعيد المنال، رغم تحقق ذلك أمام أعينهم في أمريكا وأوربا، فأكثر ما هو موجود في عالمنا المعاصر، كان قبل خمسين سنة فقط أمرا مستحيلا.

كم هو بديع قول الله تعالى عن وصول الإنسان إلى مرحلة لا يستطيع فيها أن يعترف بالخطأ، فلا يتبع الطريق القويم، بل يستمر في الضلال رغم علمه به"وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا".

والحق أن مثل هؤلاء -كما يقول الرئيس المفكر والمناضل- إنما يعبرون عما يشعرون به هم من عجز، فالمستحيل الذي يقولون به إنما هو في قلوبهم الضعيفة ونفوسهم المتخاذلة، والتاريخ يشهد أن البشر قاموا بمستحيلات كثيرة، وحطموا حواجز وضعها من قبلهم لقدرة الإنسان على التحمل والإبداع.

لقد وضع بيغوفيتش حلا للمجتمع الإسلامي المتخلف، وهو الوحدة بأشكالها المختلفة التي تمكنه من الاستفادة من ثراوته البشرية والطبيعية المتنوعة والمختلفة ، معطيا مثالا بليبيا والكويت الغنيتين بالثروة النفطية، فإذا لم تلتزما بالتضامن الإسلامي، فإن البغضاء و القطيعة والفوضى هي ما ستسفر عنه الأمور في النهاية.

لقد دعا رحمه الله إلى الحرية بمختلف أنواعها، وإلى تعلم العلوم والاطلاع على الثقافات بشتى صنوفها، وحذر في الوقت نفسه من الاستبداد سواء منه الأجنبي أوالداخلي، ومن الأنانية التي تدمر كل شيء أتت عليه جعلته كالرميم، لكن من يسمع ومن يتعظ، وقد أسمعت لو ناديت حيا..."وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد"

يقول بيغوفيتش:"إن ظاهرة سرعة تزايد السكان تزيد..التخلف الاقتصادي والثقافي للبلاد الإسلامية، وإذا استمرت الزيادة بهذا المعدل، فإن المسلمين سيتضاعف عددهم عند نهاية هذا القرن... [2]

وهذا التطور المتعلق بالإحصائية البشرية..إذا لم يقترن بتطور اقتصادي واجتماعي مواز..فإنه يبقى مليئا بأخطار لا يعلم حدها ولا مقدارها إلا علام الغيوب ".

لقد وقع ما تنبأ به بيغوفيتش، فقد نزلت بنا الأخطار، وانهار سد ياجوج وماجوج فهم من كل حدب ينسلون، من بحيرة طبريا إلى سد مأرب، ومن محيط الظلمات، إلى صحراء الثلث الخالي، فالشام شؤم، وما اليمن في يمن، والحجاز عن الخيرات محتجز على حد قول المعري.

من كان يتوقع أن هذه الدول المتخمة بالنفط، ستكون مضطرة في يوم من الأيام إلى بلد في أقصى الدنيا، بعيد عنها كل البعد لا من الناحية الجغرافيا، ولا من حيث الثروات الطبيعية؟! وكيف استطاع بيغوفيتش أن يقول أن تلك الدول الغنية سوف تجتاحها هي الأخرى الفوضى، وينتشر فيها الحقد والكراهية؟!

والمهم أننا رأينا ذلك رأي العين، ولم تعد أضغاث أحلام، كما توقعها من يسمون أنفسهم واقعيين، فقد أخذ الشباب زمام المبادرة، وأصبحت للشعب إرادة؛ فهو يريد هنا إسقاط الفساد، ويريد هناك إسقاط النظام، فسبحان من يخرج الحي من الميت، ومن يخرج الميت من الحي، ومن يحيي الموتى "ذلك بأن اللَه هو الحقّ وأنهُ يُحيِي المَوتى وأنّه على كُل شَيء قدير وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور"



[1] ساهم في تأسيس جمعية الشبان المسلمين وعمره  16 سنة، وأصدر جريدة وعمره 22 سنة

[2] أي القرن الماضي

مجموع المشاهدات: 895 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة