الرئيسية | أقلام حرة | المؤامرة حتى في الكرة

المؤامرة حتى في الكرة

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
المؤامرة حتى في الكرة
 

 

تأبى هذه اللعينة أن تختفي حتى في "اللعب" الذي كان في وقت ما لعبا قبل أن يتحول -بفعل فاعل- إلى "أجد" من الجد نفسه.

في البدء كانت لعبة، متعة، هواية، رياضة... كان الناس يمارسونها استمتاعا بها، وكان المتفرجون المتفرغون يتحلقون حولهم يستمتعون بدورهم بالمشاهدة، وربما بالتشجيع.. ودارت الأيام، وزاد انتشار اللعبة وشعبيتها، وتم تنظيم مسابقات لها، ودخل على الخط الإعلام والاتصال و.. السماسرة الوسطاء.. فأصبح اللاعبون سلعة للاستثمار.. وبعد تحقق إدمان الجمهور، صارت الفرجة عبر الأثير ملكا للاحتكار وما أدراك ما الاحتكار.. فتغذت أرصدة الرأسماليين والوسطاء من جيوب الجمهور الهاوي والمتعصب والمقامر على حد سواء، ومن عرق أحصنة القمار.. فتضاعفت الأجور والأثمنة والتعريفات أضعافا مضاعفة، وتناسل المضاربون وظهرت المضار..

لم تعد اللعبة "لعبة" بعد هذا، بل أصبحت غاية الجد وموصله، لذا فلابد أن تصلها ألاعيب الجد ومكره لتخرجها عن براءة اللعب إلى خبث الكبار. وبما أنها الأكثر شعبية، فيجب أن تحظى بالريادة في "اللعب" والتزوير والمكر والخديعة...

إنها محبوبة الجماهير: كرة القدم..

يستعمل العداد في غيرها من اللُّعب ذوات السقف الزمني الضابط، أما فيها فيترك تقدير الوقت الإضافي بدل الضائع لـ"حكمة الحكم"، يكيّفه كيفما شاء حسب النتيجة المراد تحقيقها، بدعوى عدم إمكانية اعتماد تجربة كرتي اليد والسلة، لأن الوقت المخصص سيطول... والحال أنه لما يعلم اللاعبون الشيء هذا(اعتماد العداد في حساب التوقيت)، فلن يتمادوا أبدا في إضاعة الوقت إطلاقا كما هو مستشر الآن، ثم إنه من الممكن جدا تقليص مدة الشوط إلى 40 دقيقة ومدة الاستراحة إلى 10 دقائق..

يمكن استعمال تقنيات التصوير الآنية الحديثة عبر شبكة من الكاميرات يشرف عليها حكم إضافي يؤكد أو ينفي -عبر الشبكة الصوتية الموجودة حاليا- الحدث(وجود خطأ أم تمويه، مكان الخطأ: داخل أو خارج منطقة الجزاء، اجتياز الكرة لخط المرمى أم لا، اعتداء لاعب على آخر بعيدا عن الكرة أو مع تعذر الرؤية لدى الحكم...). يعارض المضاربون بشدة استغلال هذه الإمكانيات بحجة أن "اللعبة" ستفقد حينئذ طعمها وجاذبيتها.. عجبا، يبقى الطعم والجاذبية مرتبطين بإمكانية وجود فرصة للتلاعب!

يطرح اقتراح اعتماد الوسائل ذاتها ولكن هذه المرة بعد انتهاء المباراة قصد التثبت من ادعاءات الخصمين، أيضا يتم الرفض بذريعة أن النتيجة يجب أن تعرف، وبشكل نهائي غير قابل للمراجعة، مع إعلان الحكم صافرة النهاية!! وكأنه تكريس وإصرار على فسح المجال للمقامرة وشراء الذمم، مصداقا لـ"اللي اغفل طارت عينو"..

ثم ماذا بعد هذا؟ إن أقصى ما يمكن أن يناله المتضرر من القوانين الجاري بها العمل حاليا هو معاقبة الحكام بطريقة "اللايت"، وهو ما يطرح سؤالين أساسيين:

الأول: ماذا ينفع هذا العقاب -وإن قسى- الفريق المتضرر؟

الثاني: ماذا تضر الحكم المتآمر عقوبة إيقاف مباريات معدودة مقابل ملايين الدولارات التي قد يكون تلقاها؟؟

يذكر هذا الوضع بسُنة سارية لدى مستخدمي المؤسسات المالية حين يختلسون الملايين، يطردون من العمل، يقضون أشهرا سجنا، ثم يخرجون ليؤسسوا مشروعا عملاقا يكفيهم عناء العمل الوظيفي.

دائما فيما يتعلق بمسألة ضرورة إعلان النتيجة النهائية مع صافرة الحكم، لماذا إذن تعتمد نتائج اختبارات استعمال المنشطات ولا تكون جاهزة إلا بعد إعلان النتائج بساعات، وربما بأيام؟؟

ميل الحكام للفرق الكبيرة(منتخبات وأندية) في أحايين كثيرة يتوج هرم المؤامرات، تماما كما هو أمر تدخل البعد السياسي في اللعبة، وما مسألة معاناة الفرق الوطنية المغربية في المنافسات القارية في مناسبات عدة إلا مثال شاهد على ما تعانيه هذه الكرة من مؤامرات نظرا لوضع المغرب السياسي في الساحة الإفريقية، وللمقارنة والاستئناس، المرجو مقارنة تعامل نفس هذا التحكيم مع الفرق الجزائرية مثلا..

 

لو أريدت الشفافية حقا لاعتمدت كل الاقتراحات السابقة، وأضيف عليها تطبيق القانون الجنائي حينما يتعلق الأمر بـ"جرائم" خارجة عن نطاق مفهوم الرياضة، كما هو الشأن بالنسبة للتلاعب بالنتائج، أو "جرائم الضرب والجرح" دون حضور أية شبهة قصدية للكرة، سواء تعلق الأمر باللاعبين فيما بينهم، أو فيما تعلق باللاعبين والحكام..

مجموع المشاهدات: 784 |  مشاركة في:

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 تعليق)

المجموع: | عرض:

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات

مقالات ساخنة